الوفد
عباس الطرابيلى
مشروعات من ورق.. على ورق!
ما أكثر ما نطالع هذه الأيام من مشروعات ينطق المسئولون.. للأسف بعضها كما كنا نتندر بأن خطاب العرش ـ قبل 1952 ـ يتحدث عن «رصف الطريق الجوى!!» بين القاهرة وأسوان.. أى هى مشروعات غير قابلة للتنفيذ، ولا نقول ذلك تكسيرا للمجاديف.. ولكن إقراراً للواقع.. مثل مشروع الرمال السوداء.. ومشروع علاج فيروس سى.. إياه!! وربما يلجأ المسئول إلى ذلك ليظهر فى الصورة.. ويتحدث عنه الإعلام.. وبعض الاعلاميين لا يفقهون!!
<< من ذلك مشروع الممر الملاحى الذى يربط بين بحيرة فيكتوريا فى قلب إفريقيا والبحر المتوسط.. أى يقطع نصف امتداد القارة الافريقية، من القلب إلى الشمال.. بهدف الوصول إلى دول أوروبا، وهذا المشروع يعيد إلى الذاكرة مشروع الطريق بين القاهرةـ فى أقصى شمال قارة افريقياـ وبين كيب تاون فى أقصى جنوب القارة الإفريقية. وكانت بريطانيا تروج له بحكم أنها كانت تستعمر وتحكم وتدير معظم القارة.. ورغم أن هذا المشروع بدأ طرحه من أوائل القرن العشرين.. فانه لم ير النور، وقد تجاوزنا بكثير بدايات القرن الواحد والعشرين..
<< وأسأل- دون أن أحدد من يتبنى مثل هذه المشروعات البراقةـ هل تعرف كم دولة سوف يخترقها هذا الممر الملاحى من بحيرة فيكتوريا وبالذات عند أوغندا، وقد يتجه شرقا الى تنزانيا أو كينيا، ولكنه من المؤكد سوف يخترق جنوب السودان ثم السودان نفسه.. وما هو موقف باقى دول الحوض مثل رواندا وبوروندى والكونغو، واذا كنا قد عجزنا عن اتمام مشروع قناة جونجلى بسبب تعنت حكومة جنوب السودان ومنعها اكتمال المشروع.. فماذا سنفعل مع كل الدول التى سوف يخترقها الممر المقترح، رغم اختلاف مواقفها السياسية ومصالحها الاقتصادية وتعدد حروبها الأهلية ونزاعاتها القبلية.
<< وهنا أتذكر مشروع الممر الملاحى بين دمياط والقاهرةـ مجرد 22 كيلو مترًاـ الذى حفرت من أجله قناة ملاحية من ميناء دمياط الجديد الى مجرى النيل فرع دمياط، وذلك منذ 40 عاما وأنشأنا عليها اثنين من الكبارى.. وها نحن الآن ورغم مرور كل هذه السنوات.. لم نستخدم ولم يعمل هذا الممر الملاحي.. وإذا كان هذا المشروع- ومن شهوده والذين خططوا له مع تنفيذ الميناء المهندس حسب الله الكفراوى- اسألوه عن مصير هذا المشروع الصغير الطول نسبياً.. -220 كم- بينما يصل طول الممر المقترح من فيكتوريا إلى البحر المتوسط أكثر من 6000 كيلومتر!! غير اختلاف التضاريس وسلاسل الجبال والجنادل..
<< والطريف أن القاهرة شهدت جلسة علنية منذ أيام للإعلان عن اختيار شركة عالمية لإعداد دراسات الجدوى، وهى شركة ألمانية- رغم أننا لن نتكلف شيئاً من اعداد هذه الدراسات.. فهل سيكون مصير هذا الممر الإفريقى هو نفس مصير قناة جونجلي.. أم مصير الممر الملاحى من دمياط الى القاهرة.
أقول ذلك، وليس هدفى «تكسير المجاديف» أو تعطيل «المراكب السايرة» ما دمنا أمام مشروع ملاحى نستخدم فيه السفن.. بل يجب أن ندرس أيضاً أيهما أفضل- هذا المشروع- أم أن تختار كينيا وتنزانيا، مثلا الاتجاه شرقًا لاستخدام موانيها على المحيط الهندى، فى شرق إفريقيا.. وأن تنشط التجارة بين بوروندى ورواندا وافريقيا الوسطى والكونغو عن طريق الاتجاه غربًا، إلى المحيط الأطلنطى.
<< أم أنها مشروعات من ورق.. لن تخرج إلى النور حتى لو قامت بين كل هذه الدول دولة واحدة متحدة.. أو اتحادية!!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف