محمد جبريل
نتنياهو يدعو إلي هدم الأقصي
لك أن تتصور آلاف المستوطنين الإسرائيليين يحفرون بالمعاول أسفل المسجد الأقصي. لا يعنيهم ــ في البحث عن المزاعم المضللة والخرافة والأسطورة ــ خطر تهاوي الأثر الإسلامي العظيم.
الدعوة وجهها بنيامين نتنياهو إلي الشباب الإسرائيلي لمشاركته في حفر أنفاق تحت الأقصي. ومحاولة اكتشاف آثار يهودية. رداً علي قرار اليونسكو بالتأكيد علي إسلامية المسجد الأقصي في القدس. ورفض مصطلح جبل الهيكل. أو هيكل سليمان.
الدعوة يصعب أن تصدر عن سياسي مسئول. فهي تحريض علي الهدم والتدمير. لأن هؤلاء الشباب الذين دعاهم نتنياهو إلي حفر الأنفاق ليسوا مسلحين بأي ثقافة تاريخية أو أثرية. لكنهم مزودون بدعاوي أسطورية. لم يقتصر رفضها علي أصحاب الأرض والقدس والأقصي. فقد أصدرت عصبة الأمم في 1930 ــ أي قبل قيام الكيان الصهيوني بثمانية عشر عاماً ــ قراراً بملكية حق البراق للمسلمين. وبعد أن بدأت إسرائيل ــ عقب نكسة 1967 ــ في حفر الأنفاق تحت الأقصي. تعالت الآراء الموثقة من كبار علماء الآثار والمؤرخين في الغرب تنفي أي صلة لليهود بتاريخ الأقصي. فأستاذ علم الآثار الأمريكي توماس طومسون دعا إلي عدم الاعتماد علي التوراة ككتاب لتاريخ المنطقة. وأكد الاسكتلندي كيث وايتلام أن تاريخ إسرائيل المخترع في حقل الدراسات التوراتية كان. ومازال. صياغة لغوية وأيديولوجية لما كان ينبغي أن تكون عليه الممالك اليهودية. وليس ما كانت عليه في الواقع. وأعلن البروفسور اليهودي رئيف هرتسوغ أن سكان العالم سيذهلون عند سماع الحقائق التي أصبح علماء الآثار يعرفونها جيداً. منذ بدأت عمليات الحفر تحت الأقصي. وأنها انقلاب حقيقي في نظرة علماء الآثار الإسرائيليين إلي التوراة باعتبارها مصدراً تاريخياً.
التحرك العربي في مواجهة ردود أفعال الكيان الصهيوني ضرورة دينية وقومية. بداية من رفض قرار اليونسكو. وانتهاء باقتراح جعل التنقيب عن الآثار تحت الأقصي مقدمة للخدمة العسكرية. مروراً بانتقاد رئيس الكيان الصهيوني للدول التي صدقت علي مشروع القرار. بلغة تخلو من أبسط قواعد الدبلوماسية. وأقل ما توصف به إنها قد تصلح لحواري تل أبيب. أو للجيتوات اليهودية في مدن الغرب.
اللافت أن القرار الذي أثار حكومة إسرائيل نهائياً بعد. لكنه توصية لإحدي لجان اليونسكو. ولن يصبح قراراً رسمياً إلا بتصويت الجمعية العامة لليونسكو بباريس في إبريل القادم. لذلك فإن الجهد الدبلوماسي العربي لتبني اليونسكو هذا القرار الذي أصدرته لجنة متخصصة. يجب أن يكون فاعلاً ومسئولاً. ولعلي أشير إلي تراجع المكسيك عن موافقتها. وإدانة رئيس الوزراء الإيطالي ــ صاحب مشكلة ريجيني ــ امتناع بلاده عن التصويت. ودعوة وزير خارجيته للتصويت ضد القرار. بالإضافة إلي وعده بالتأثير علي مواقف الدول الأوروبية الأخري في عمليات التصويت الخاصة بالقرار.
في تعبير محدد: سيظل أهم القرارات الدولية التي تحفظ للأقصي إسلاميته وعروبته معلقاً. ما لم يحدث تحرك عربي نحو جعله قراراً دولياً رسمياً. له صفة الدوام.