الجمهورية
بسيونى الحلوانى
هذه النماذج لا تصلح للعمل في مكاتب البريد
لا خلاف علي أن منظومة البريد المصري قد تطورت تطوراً كبيراً خلال السنوات الماضية وأصبحت مكاتب البريد التي تنتشر في كل مكان تؤدي خدمات متنوعة للمواطنين منها ما يتعلق بالخدمات البريدية المعتادة وأكثر خدماتها الآن يتعلق بالمعاملات المالية حيث أصبحت منافساً قوياً للبنوك واستطاعت جذب شريحة كبيرة من أصحاب الادخارات وخاصة المدخر الصغير ولديها من حسابات دفاتير التوفير ما يقترب من 25 مليون دفتر. كما أن حجم الأموال المدخرة بالبريد يقترب من 200 مليار جنيه وتعتبر الممول االرئيسي لبنك الاستثمار القومي حيث تذهب أكثر من 80% من مدخرات البريد إليه.هذه الأرقام الضخمة التي تتزايد يوماً بعد يوم بسبب إقبال المواطنين علي مكاتب البريد تفرض علي القائمين بهيئة البريد ضرورة التطوير المستمر للمكاتب ومنظومة العمل بها.. كما تفرض التأهيل المستمر للعاملين بالبريد فهم يتعاملون يومياً مع عشرات الآلاف من المواطنين من مختلف شرائح المجتمع ولابد أن يتسلحوا باللياقة الذهبية والروح الطيبة خاصة وأن بعضهم خاصة النماذج كبيرة السن لا تزال تتعامل بغلظة بعيداً عن الحكمة وما تتطلبه طبيعة المرحلة من التسلح بفنون التعامل مع الآخرين.
****
في مكتب بريد الجيزة الذي يبدو من مظهره أنه نموذجي ومتطور ويحاول تقليد البنوك قضيت ما يقرب من ساعة وقوفاً انتظر سحب مبلغ بسيط من حسابي الجاري لظروف طارئة بالطريق ثم انصرفت دون أن يحدث ذلك بسبب "جمود" مديرة المكتب وعدم قدرتها علي تحقيق الانضباط بين العاملين معها وبقاء العميل علي الشباك الواحد أكثر من ربع ساعة دون مبرر وقيام بعضهم أو بعضهن من مكانهم وترك العميل علي الشباك ينتظر أن يتكرم موظف الشباك بالجلوس. والمديرة مشغولة بالحديث مع زميلة لها دون أن تترك مكانها لتتابع العمل أو تتدخل لتهدئة العملاء الذين فاض بهم الكيل وارتفعت أصوات بعضهم علي الموظفين نتيجة التأخير وتعطلهم عن أعمالهم.
أمام هذا المشهد المستفز في مكتب من المفترض أنه مطور اضطررت للانصراف والذهاب إلي مكتب آخر يحظي بمدير واع يعرف متي يتدخل لحل أي مشكلة في المكتب ويعرف كيف يمتص غضب وسخط المواطنين نتيجة الشكوي من موظف.
من هنا لا ينبغي أن يوجه المهندس عصام الصغير رئيس الهيئة القومية للبريد اهتمامه إلي تطوير المكاتب وتحديثها من حيث الشكل فقط دون أن تقوم الهيئة بتأهيل عناصرها وكوادرها البشرية بمهارات الإدارة الحديثة وفنون التعامل مع الجماهير والتدخل في الوقت المناسب لحل المشكلات والأزمات الطارئة حتي يستطيع البريد استيعاب الضغط الجماهيري عليه وحتي تختفي المشاجرات اليومية من مكاتب البريد وهي للأسف لا يخلو منها إلا العدد القليل من المكاتب والسبب الرئيسي سوء الإدارة وتجاوزات بعض العاملين في البريد.
****
للأسف الشديد.. كثير من مشكلاتنا وأزماتنا في مصر ترتبط بسوء الإدارة وعدم تأهيل الكوادر البشرية للقيام بواجباتها علي الوجه الأكمل.. وإذا كانت شريحة كبيرة من المواطنين تفضل التعامل مع مكاتب البريد فإن سوء التعامل معها وفترات الانتظار الطويلة التي يقضيها المواطنون وقوفاً ثم سوء أداء بعض موظفي مكاتب البريد سوف تدفع المواطنين إلي الهروب منها ولو ظل الزحام عليها سوف تتزايد المشاجرات والمشكلات اليومية في مكاتب البريد الأمر الذي دفع بعض مدراء المكاتب إلي المطالبة بعناصر من الأمن للتدخل لحل المشاجرات سواء بين المواطنين المنتظرين بعضهم مع بعض أو بين بعض المتعاملين والموظفين في البريد.
علي المهندس عصام الصغير أن يدرك أن بعض موظفي البريد يعملون بعقول ومنطق الماضي وبعضهن تنشغل بإعداد الأطعمة والمشروبات داخل المكاتب. وليس غريباً أن تترك موظفة مكانها وتقوم لعمل السندوتشات والمشروبات لها ولزملائها.. ولا أعتقد أن الزحام الشديد الذي تشهده مكاتب البريد الآن يسمح بذلك.
لذلك نتطلع أن تختفي هذه المشاهد قريباً من مكاتب البريد فقد فضلها البعض وأنا منهم عن البنوك.. لكن أمام حرق الدم مع كل رحلة إلي مكتب بريد قد اضطر مع كثيرين غيري إلي العودة مرة أخري إلي البنوك العامة فهي أكثر انضباطاً والتجاوزات فيها أقل كثيراً عما نراه في مكاتب البريد.
****
النماذج المشرفة في مكاتب البريد من المدراء والموظفين والموظفات كثيرة. وأنا هنا لا أعمم حتي لا نظلم الشرفاء الذين يؤدون أعمالهم بنزاهة وكفاءة.. وكل ما نرجوه أن يكون أداء موظفي البريد متناغماً وأن تتواري العناصر المستفزة والتي تثير المشكلات والأزمات داخل مكاتب البريد وهي معروفة للمفتشين ويجب أن يبحثوا لهم عن أعمال أخري داخل مكاتب مغلقة بعيداً عن التعامل مع الجماهير.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف