المصرى اليوم
عباس الطرابيلى
لماذا الاهتمام بالشباب؟؟
قد يتعجب البعض من اهتمام الرئيس السيسى بالشباب.. وقد يرى البعض أن الرجل يعانى من كبار السن، وبطء تحركهم، وأنهم يفكرون كثيراً قبل أن يقدموا على أى عمل، بينما الشباب عكس ذلك.

ولكننى لا أرى هذا الرأى.. وأعتقد أن الأرقام وحدها هى التى دفعت الرئيس إلى الاهتمام بالشباب.. ذلك أن «مصر دولة شابة» رغم أن عمرها يتجاوز 15 ألف سنة.. ولكننى أقصد أن 65٪ من سكان مصر الآن هم من الشباب.. وهم تحت أو حول سن الثلاثين.. وأن الأطفال وراءهم بنسبة كبيرة، وبالتالى عليه أن يعطيهم من جهده ووقته الكثير، وربما لأنه أراد أن يعوضهم تجاهلاً حقيقياً فى السنوات الأخيرة.. أدى إلى زيادة معدلات البطالة.. وصعوبة تكوين الشباب لأسرة جديدة.. ومشاكل البحث عن شقة العمر.. وفرصة العمل، بعيداً عن تراب الميرى.

وربما رأى الرئيس أن شعوباً أخرى تعانى «شيخوخة رجالها» كما هو الحال فى دول شمال غرب أوروبا، ولكن المؤكد أن الرئيس يفعل ذلك قناعة منه بضرورة إشراك الشباب فى بناء حاضرهم، لأنهم بذلك يبنون الوطن نفسه.. ببناء أنفسهم هم أولاً.

وللحقيقة وجدت فى شرم الشيخ مستقبل مصر، وكل المصريين، فالكل مصمم على العمل.. حتى وإن فكر بعضهم فى منافع وقتية، فهذه قلة.. ولكننى مقتنع أن الشباب هم فعلاً من يبنون الأمم وينهضون بالأوطان.. وبحكم دراستى للتاريخ أتذكر أن بناة الدول العظام كانوا عبر التاريخ من الشباب، فهل نسينا أن أحمس كان شاباً وهو يقود مصر لطرد الهكسوس الذين سيطروا على دلتا مصر سنوات عديدة، بعد أن استشهد والده.. ثم استشهد ابنه الأكبر.. فوجد أحمس نفسه فى مقدمة المعمعة وكان عمره وقتها أقل من ثلاثين عاماً.. وبشبابه هذا طرد الهكسوس وردهم إلى بلادهم الأصلية فلسطين.

ثم هل ننسى أنه حتى موحد القطرين الملك مينا كان عمره يدور حول الثلاثينيات أو منتصفها.. وفى التاريخ الإسلامى أمثلة عديدة.. فهل نتذكر أن صلاح الدين الأيوبى عندما جاء إلى مصر مع عمه كان عمره حول الثلاثينيات أيضاً.. وهو الذى خلص مصر أولا من الحكم الشيعى الفاطمى، وهو الذى تصدى لمخطط أوروبا كلها لتدمير المنطقة العربية وتقسيمها إلى دويلات بعد أكثر من قرنين من الهزائم تحت سنابك جيوش الصليبيين.. ثم أنزل بهم أكبر الهزائم.

ومحمد على نفسه.. وهو بانى مصر الحديثة جاء وحكم مصر وعمره 35 عاما إذ هو من مواليد 1769 وتولى حكمها 1805 أى كان فى عز الشباب.. ولأنه اعتمد على الشباب وأرسلهم فى بعثات للتعليم فى أوروبا ثم أعطاهم أفضل الأراضى والمسؤوليات ليساهموا معه فى حكم مصر وتحديثها.. ولم يكن يفرق بين أبنائه وأبناء المصريين.

وهذا هو نابليون بونابرت تولى قيادة الجيوش وهو فى العشرينيات وحكم فرنسا ومعظم دول أوروبا وهو قبل الثلاثين من عمره.. ومازالت فرنسا تتذكر أنه واضع أعظم القوانين واللوائح التى مازالت سارية فى فرنسا رغم مرور أكثر من قرنين من الزمان، ورغم هزيمته بسبب تحالف أوروبا ضده إلا أن فرنسا حفظت له قيمته وعظمته ودفنت جثمانه فى أهم مقبرة لعظماء فرنسا عبر التاريخ.

ولا حظوا كيف استقبلت أمريكا نجاح الشاب جون فيتز جيرالد كينيدى فى انتخابات الرئاسة الأمريكية، واعتبرته رمزاً لشباب الولايات المتحدة كلهم، جمع حوله أفضل عقول أمريكا ومفكريها وفنانيها وأنقذ بلاده من خطر وجود الصواريخ النووية السوفيتية الموجهة إلى بلاده من جزيرة كوبا، وأرغم خروشوف على سحب هذه الصواريخ ليبعد أى خطر عن بلاده وأمريكا كلها.

■ ■ وعندنا فى مصر حاكم تولى عرش مصر وهو لم يبلغ بعد السن الشرعية وهو عباس حلمى الثانى الذى جاء بعد والده الخائن توفيق ورأى انحناء والده أمام السلطة الإنجليزية فلم يجد الحاكم الجديد - عباس حلمى الثانى - وهو فى عمره حول العشرين إلا أن يجمع حوله خلاصة شباب مصر وفى مقدمتهم الزعيم مصطفى كامل.. ومعه كل مؤيديه من الشباب ليقود بهم ومعهم، مواصلا إنجازات جده الأكبر محمد على، وعرفت مصر تحت حكم هذا الحاكم الشباب إنشاء أول جامعة هى الآن جامعة القاهرة ودعم الإعلام وأنشأ خزان أسوان ثم تعليته الأولى، وأنشأ المتحف المصرى وعشرات الكبارى التى مازالت فى الخدمة حتى الآن، وبسبب نشاطاته هذه عزله الإنجليز فعاش فى المنفى إلى أن مات عام 1944، أى بعد عزله بحوالى 30 عاماً..

■ ■ وهذا هو قدر بناة الدول العظام: أى الاعتماد على الشباب وعلى قدراتهم والدفع بهم إلى الصدارة، وعباس هذا أيضاً من بناة مصر الحديثة بعد الجد الأكبر محمد على. والجد التالى الخديو إسماعيل.

■ ■ هنا أسألكم: هل عرفتم معنى وأسباب اهتمام الرئيس السيسى بالشباب ودفعهم إلى الأمام ليعملوا معه وبجواره على إعادة تحديث مصر بعد النجاح المؤكد بالقضاء على مخططات الأعداء لضرب مصر وتدميرها.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف