د . هشام السيد
الدول النامية ..والدول البامية
قسمت هيئات الامم المتحدة في الستينات دول العالم تبعا لمؤشرات دولية متفق عليها مثل نصيب الفرد من اجمالي الانتاج و الدخل القومي، و معدل الحياة و الوفاة للمواليد الجدد، ونسبة الانفاق الحكومي علي التعليم و الصحة البحث العلمي ، و اهتمام الحكومة بخدمات الرعاية الاجتماعية وبالذات لكبار السن و الاطفال. الدول المتقدمة و الدول النامية (التي هي في طريقها للتقدم)، ثم الدول المتأخرة (التي لاتبدي علامات التقدم). الدول النامية او دول (العالم الثاني)كان تصنيفا موسعا شمل في ذلك الوقت دولا ضخمة مثل الهند و الصين و البرازيل ومعظم اوربا الشرقية ومصر، من المفروض ان تكون محطة تصنيف الدول النامية محطة مؤقتة، دول تشمر عن ذراعيها و لها خطط طموحة للتقدم لتلحق بركاب دول (العالم الاول) لا ان تكون محطة ثابتة تتسمر و تتجمد فيها الدول والا فان تلك الدول بمفهوم التنمية تنزلق لمستوي الدول المتأخرة (العالم الثالث). الصين و الهند و البرازيل و كوريا وماليزيا وتركيا و كل دول شرق اوربا و غيرهم انتقلت الي مصاف الدول المتقدمة وحققت لشعوبها قفزات ضخمة في التنمية و مستوي المعيشة و الخدمات الحكومية و معدل الشعور بالسعادة و الاطمئنان و الاستقرار للمواطن وارتقت فيها الصناعات التكنولوجية واصبحت تنتج معظم احتياجتها من الغذاء والدواء والسلاح، وانضم معظمهم لمجلس الدول العشرين الاكثر تاثيرا علي اقتصاد العالم. في الستينات و قبل هزيمة 1967 كانت مصر علي الطريق الصحيح للتنمية، خطة خمسية واضحة المعالم لكل الوزارات و القطاعات و للدولة بصفة عامة، حكومة ملتزمة امام الشعب و الرئيس بتفيذ الخطة بدقة، مدارس جديدة بمعدل 10مدارس اسبوعيا، صناعات ضخمة جديدة و مدن صناعية، ازدهار في البناء و الفن و الادب و الثقافة و معدل تنمية لم يتكرر في مصر منذ ذلك الوقت. مصر الان و لشديد الاسف انحدرت علي كل المستويات و في كل المجالات ، الدولة قبل الاخيرة علي مستوي العالم في التعليم، و من اتعس عشر دول في العالم (من حيث شعور المواطن بالرضا و السعادة) و تقريبا اخر و اسوا دول العالم في الشفافية و الفساد الحكومى. نري مصر بعد 43عاما من السلام و نهاية الحروب اكثر تخلفا و اكثر فقرا و اكثر اعتمادا علي المعونات والقروض و الاكثر فسادا في العالم. ثم نجد من يحكموها و يطلقون الشعارات الجوفاء عن حبها ويتوهون في مغامرات اقتصادية و سياسية بدون رؤية شاملة او خطة واضحة المعالم، فماتزال مصر حقلا لتجارب لغير الاكفاء والغير مؤهلين الذين وضعوا في مناصب لايستحقونها و لايفهمون مسؤلياتها، و يدفع عامة الشعب المضللين ثمن حماقات تجاربهم، ثم نسمع اخيرا من حكام مصر، ان مصر التاريخ و الحضارة اصبحت بفضلهم (شبه دولة). اي ان مصر انتقلت بجدارة من مصاف الدول النامية الي مرحلة الدول البامية. ولك الله يامصر...