صابر شوكت
مصر عارية بدون شبكة رصد اشعاع
منذ انفجار مفاعل تشرنوبل وتهديد العالم كله بالتلوث الاشعاعي في عام ١٩٨٦.. نفذت مصر علي الفور ما يسمي بالشبكة القومية للرصد الاشعاعي.. أقامها خبراء وعلماء هيئة الطاقة الذرية المصرية ولم تبخل الدولة بمئات الملايين من الدولارات لتطوير هذه الشبكة علي مر السنين حتي صارت أول وأضخم شبكة للرصد الاشعاعي والبيئي في العالم الثالث والشرق الأوسط.. فبلغت عدد محطاتها ١٩٦ محطة تحمي حدود مصر من الجهات الأربع من أي تلوث أو تسرب إشعاعي أو كيماوي أو غيره وكان كاتب هذه السطور يتابع أخبار هذه الشبكة بفخر.. وكيف كشفت لنا مرات عديدة تسربا اشعاعيا نوويا من ناحية الحدود الشرقية.. حيث تركزت نصف عدد هذه المحطات هناك لحماية مصر من جرائم نووية محتملة من العدو التاريخي لمصر والعرب وهي إسرائيل.. وكم من مرات كشفت هذه المحطات تسربا كيماويا وبيئيا من ناحية الحدود الشمالية الغربية حيث مغامرات القذافي ونظامه المجنون وأدي لتدمير الثروة السمكية بمياه الساحل الشمالي كله.
وكنت أتابع خبراء الأمان النووي التابع لهيئة الطاقة الذرية المسئولة عن إدارة هذه الشبكة العملاقة وقتها.. وهم يهرعون إلي أقصي حدود مصر بالصحاري القحلة في مأموريات سرية لإصلاح أي عطل يحدث في إحدي محطات شبكة الرصد الإشعاعي والبيئي.. حتي ولو كانت «مسمار أو صامولة صغيرة» فلم يكن مسموحاً بأي عطل في أي جزء بهذه الشبكة.. لقد كانت عيون مسئولي الدولة بالأجهزة السيادية من الرئاسة وحتي مجلس الدفاع الوطني وكانت لخطورتها ملحق شاشة متابعتها في مكتب وزير الكهرباء مباشرة.. ومكتب رئيس الوزراء.. وتابعت بنفسي بعض مسئولي دول الخليج عام ٢٠٠٣ وهم يهرعون لمصر ليتولي خبراؤنا بناء شبكة رصداً اشعاعي لهم عند بداية غزو العراق..!
>>>
للأسف منذ أسابيع سألت كثيراً عن عمل هذه الشبكة.. عندما تابعت أخبار بدايات استخدام داعش في العراق وسوريا للأسلحة الكيماوية والإشعاعية القذرة.. واحتمال قيام مجرمي داعش علي مقربة من حدودنا بليبيا لاستخدام هذه الأسلحة القاتلة.
فوجئت بمصادري المسئولة تؤكد.. ان الشبكة القومية للرصد الإشعاعي صارت في ذمة التاريخ..! منذ عام ٢٠١١ عندما انشغلت مصر بحالة الانفلات بعد ثورة يناير.. وتحطمت جميع المحطات في سيناء وبقية الحدود.. وأهمل جميع وزراء الكهرباء في إعادتها.. وحتي هيئة الرقابة الإشعاعية الجديدة المسئولة عن هذه الشبكة يتهربون من تقديم أي معلومات عن كيفية إهمال هذه الشبكة العملاقة.. وترك مصر عارية لا نأمن ما يحمله لنا الهواء والماء من حدودنا الخارجية.. الأخطر من ذلك.. علمت أن رؤساء الهيئات النووية الثلاث بهيئة الطاقة الذرية.. وكذلك رئيس هيئة الرقابة الاشعاعية.. يعملون قائما بأعمال بتجديد بفتوي.. والجميع يخشي اتخاذ قرار في هذه الشبكة.. والمسئول عنهم جميعاً حسن محمود مسئول الملف النووي.. ننتظر منه أو وزير الكهرباء أو رئيس الوزراء تفسيراً! لماذا نترك مصر عارية من شبكتها القومية الآن.؟!