الجمهورية
مدبولي عثمان
الاهتمام بالشباب .. متي وكيف؟!
يقول الأديب والمؤرخ وعالم الفقة واللغة ابن منظور "1232 - 1311 م" في معجمه " لسان العرب " أن ¢كلمة الشّاب تعني الفرس القوي الذي يشبُّ علي قدميه والشباب كذلك يتسم بالقوة والمغامرة وتحدي الصعاب.. وكلمة المشابيب أي القادة ومن يقود المجتمعات إلا الشباب فهم أداة كل تغيير اجتماعي. وسياسي. وأخلاقي ¢ . أما صاحب "القاموس المحيط" الفيروز آبادي "1329 - 1415 م" فيقول : ¢والشباب في اللغة من "شبَّ" وهذه اللفظة تدل علي: الفتوة. والقوة والنشاط. والحركة. والحسن. والارتفاع. والزيادة في النماء ¢.
ويشير تقرير التنمية البشرية لعام 2015 إلي أن المجتمع المصري من أكثر مجتمعات العالم شبابا وحيوية حيث يبلغ عدد الشباب من سن 12 وحتي 35عاما يبلغ عددهم 35 مليوناً من اجمالي عدد السكان البالغ 93 مليون نسمة بنسبة حوالي 38 % من تعداد السكان . وهي من أعلي النسب في العالم . واذا أضفنا اليهم الشريحة العمرية مابين 35 و50 عاما والتي يبلغ عددها 25 مليونا . فان عدد الشباب ومن هم في أوج العطاء يبلغ عددهم 60 مليون انسان . وهي قوة بشرية كبيرة واستثمارها بشكل علمي وعملي كفيل بنقل مصر الي مصاف الدول المتقدمة .
ولكن يظل السؤال الهام والصعب وهو : كيف يتم إعداد الشباب وإستثمار قوتهم في البناء بدلا من انجرافهم الي الهدم ؟.
وأري أن الاهتمام الحقيقي بالشباب يبدأ من قبل ميلاده بالاهتمام بالأم الحامل وتوفير الرعاية الصحية السليمة لها. وتوفير مكان صحي لولادته بعيدا عن سماسرة الطب. والعمل علي انشاء مستشفي عام للولادة علي الاقل في كل محافظة بدلا من غرف الولادة في المستشفيات العامة التي تجوبها القطط والفئران. وتوفير الرعاية الصحية للاطفال حديثي الولادة . حيث يشير تقرير الجمعية المصرية لرعاية الأطفال حديثي الولادة والمبتسرين. أن عدد الأطفال المبتسرين في مصر يبلغ حوالي 280 ألف طفل سنويا وفقا لاحصائيات عام 2013. وهو ما يمثل نسبة تتراوح بين 8 و12% من الأطفال حديثي الولادة. يتوفي منهم 100 ألف مولود تقريبا بسبب نقص الحضانات. ونقص الكوادر البشرية المدربة علي التعامل مع هذه الحالات. ويعترف الدكتور هشام شيحة رئيس القطاع العلاجي بوزارة الصحة سابقا أن أكثر من 127 ألف طفل ليس لهم مكان في الحضانات بالمستشفيات الحكومية.
حتي اذا وصل سن الطفل 4 سنوات ينبغي ان نوفر له مكانا للتعليم في حضانة حكومية حتي ولو برسوم معقولة . بدلا من ترك أولياء الامور فريسة لتجار المدارس الخاصة حيث تتراوح اسعار السنة الاولي والثانية حضانة من 4 الي 7 الاف جنيه سنويا بينما تتجاوز في مدارس اللغات 20 الف جنيه سنويا.
ويتواصل الاهتمام بتوفير مكان مناسب لتعليم أبناء مصر في كافة مراحل التعليم الاساسي . فهل يعقل أن متوسط كثافة الفصل في غالبية المدارس الابتدائية تتجاوز 70 طالبا تنخفض في المرحلتين الاعدادية والثانوية الي حوالي 60 طالبا. وتشير احصائيات وزارة التربية والتعليم الي وجود 1875 مدرسة آيلة للسقوط ومطلوب حوالي 50مليار جنيه لبناء مدارس جديدة.
أما الاهتمام الاكبر فيتجلي في تطوير العملية التعليمية بتوفير مدرسين مؤهلين ومناهج علمية تعزز قدرة الطلاب علي الانطلاق والابداع وتساعدهم علي التحصيل العلمي النافع . والغاء النظام التعليمي الحالي القائم علي التلقين والحفظ .
فاذا وصل الشاب الي مرحلة التعليم الجامعي فان أول ما يحتاجه هو توفير مناخ تعليمي حر لا يخضع لضغوط أمنية ولا للبيروقراطية الادارية . ويحتاج الي استاذ يجيد التعامل مع الطالب الشاب وليس دكتاتورا يرهب الطلاب بسلاح الرسوب . واعرف مئات من الطلاب رسبوا في مادة واحدة مرات متتالية رغم تفوقهم في باقي المواد لأنهم تجرأوا علي معارضة الأستاذ . نريد مناخا للتعليم الجامعي يخلوا من بعض الاساتذة التجار الذين يجبرون الطلاب علي شراء كتبهم . ويكون الرسوب جزاء الطالب الذي لم يسجل اسمه في سجل المشترين.
ومن الاهتمام البالغ بالشباب ان يكون هناك تكافؤ حقيقي للفرص . بحيث يطمئن الشاب المجتهد أنه سيقطف ثمار اجتهاده.
وأري أن جل الاهتمام بالشباب يتمثل في توفير العمل المناسب للشاب سواء كان جامعيا او فنيا او حاصل علي محو الامية . عملا يحقق فيه ذاته ويوفر له دخلا يكفي احتياجاته. فالبطالة والفقر يجعل من الشباب قنابل موقوته. وقد أكد علي ذلك احصائيات تقرير مصلحة الأمن العام بوزارة الداخلية عام 2015 وجاء فيه ان تجمع الفقر بمصر يضم4550 قرية ونجع بالدلتا والصعيد و1220 منطقة عشوائية حول حواضر ومدن المحافظات المختلفة ويسكنها 19.2 مليون شاب من الفئة العمرية بين 12 و35 عاما وانها مصدر 85% من إجمالي مرتكبي الجرائم بجميع صورها العادية والجنائية والارهابية.
الاهتمام بالشباب بهذه الكيفية يحتاج الي وقت وجهد ولكنه سيكون الاجدي علي المدي القريب وفي المستقبل.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف