الوفد
علاء عريبى
دوائر وبطانة ونخب
وتعالوا نتفق أن حرية التعبير هى أم الديمقراطية والتعددية والعدالة الاجتماعية، وأنه لا ديمقراطية ولا حريات ولا دولة مدنية مع فرض قيود على حرية التعبير، وأن النظم التي تقيد حرية التعبير هي نظم فاسدة يعمل القائمون فى الحكم بها على استعباد الشعب وسرقة حقوقه وموارده.
وتعالوا نتفق أيضا على أن الإنسان بطبعة لا يحب النقد، فما بالك بالمسئول الذي يجد قراراته وأفعاله وهمساته على الهواء مباشرة فى جريدة الصباح، بالطبع سيستشيط غيظًا من الصحفيين ومن الصحيفة التى يعمل بها ومن مهنة الصحافة ككل، بعض المسئولين يلجأ إلى الرد والتوضيح، والبعض الآخر، وهو الفاسد منهم، يدفع بمن بيده القرار إلى تقييد الصحافة وتكميم أفواه الصحفيين، والفساد الذي أذكره هنا ليس بالضرورة فسادا ماديا بل قد يكون فسادا معنويا وفكريا، حيث يسعى المسئول خلاله إلى تقييد الصحافة لكى يسهل لحزبه أو جماعته أو شلته فى السيطرة على البلاد أو البقاء فى السلطة أكبر فترة ممكنة، سواء كانت السلطة فى إدارة الدولة أو وزارة أو هيئة أو فى إدارة حزب سياسي أو في إدارة جماعة دينية دعوية.
للأسف فى مصر كل من يتولى سلطة (فى الدولة أو فى الأحزاب، والجماعات)، يحصن نفسه من اليوم الأول لتوليه برجاله وبطانته، ويعمل خلال فترة قيادته للدولة أو الوزارة أو الهيئة أو الحزب أو الجماعة، على توزيع رجاله على المفاصل الرئيسية بما يضمن بقاءه فى القيادة، من هنا يتم صناعة دائرة صغيرة يتناوب من بداخلها الإدارة، مجموعة محدودة العدد من الشخصيات تتناوب إدارة البلاد أو الحزب أو الجماعة، وإذا ضمت شخصيات جديدة للدائرة فذلك بسبب عدم صلاحية بعض الشخصيات داخل الدائرة لمرض أو شيخوخة أو وفاة أو تعارض مصالح، والذي يتابع مصر بعد الثورة سيكتشف أنها لم تتغير كثيرا، وأن نظام الحكم مازال قائما: النظام السياسي عبارة عن دائرة كبيرة تضم عدة دوائر صغيرة، دائرة رئيس الجمهورية وتوابعه فى الحكومة والبرلمان والقضاء، ودوائر الأحزاب كل حزب بدائرته، ودوائر الجماعات الدينية، ودائرة للمستقلين الذين يحاول كل حسب مهارته الزحف إلى دائرة الحاكم وبطانته، ودائرة الإعلاميين ... هذه الدوائر يسمى قيادتها بالنخبة، ومجازا يُطلَق عليها الرموز، كل دائرة تتكون من رئيس(رئيس: جمهورية، حزب، ائتلاف، مرشد عام..) وعدد محدود من رجاله، همهم الأول أن يظلوا أكبر فترة ممكنة فى إدارة الدائرة، بعد ثورة يناير نجحنا فى إبعاد دائرة الرئيس وبطانته(فى السلطة التنفيذية والتشريعية) ولم نستبعد باقى الدوائر، لهذا قامت الدائرة الأكثر تنظيما (جماعة الإخوان) بالتحرك والاستيلاء على دائرة الرئيس المخلوع وبطانته، وظلت باقي الدوائر كما هى، كل حسب ترتيبها الهرمي المحدود داخل دائرته.
متى نتخلص من هذا الفكر؟، ومتى نتخلى عن سياسة الدوائر والبطانة؟، ومتى سيسود فكر التعددية الفكرية والعمل من خلال الجماعة؟، الله أعلم
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف