أنصحك عزيزي القارئ بألا تقترب من بعض القنوات التي تدس السم في العسل وبأسلوب مدروس ومنهج يدركه المتابعون إما بالحدس والفطرة أو بمعرفة الأساليب المتبعة في الاعلام لتحقيق رسالة أو عدة رسائل بعينها.
بالأمس جلست أتابع ردود فعل الإعلاميين "البعدا" من خلال بعض هذه القنوات إزاء الندوة المحترمة التي تابعناها عن تأثير الاعلام علي الرأي العام التي أقيمت ضمن فعاليات مؤتمر الشباب الذي انطلق بنجاح مبهر في مدينة شرم الشيخ تحت شعار "أبدع.. انطلق" وشارك فيه عدد من الوزراء وعدد كبير من الشباب ومن خلاله بعث الرئيس عبد الفتاح السيسي رسالة سلام للعالم عبر "ماراثون السلام" والذي شارك فيه ما يقرب من ثلاثة آلاف شاب.
المفارقة - غير المفاجئة - أنني لم أجد في الوقت المحدد الذي احتملته سوي تسليط الضوء علي الارتفاع غير المسبوق لسعر الدولار في مصر والتركيز علي حالات "الفقر" والضغوط الاقتصادية التي ستؤدي حتما وقريبا إلي انفجار المصريين بسبب الحالة العامة من الإحباط وانعدام الثقة في امكانية حدوث انفراجة قريبة. ولتكريس هذه الحالة من التيئيس وبث شحنات المشاعر السلبية استضافت واحدة من هذه القنوات بعض الشخصيات المصرية ومنهم صحفي في احدي المؤسسات الصحفية الكبري وباحث متخصص في الشئون الاقتصادية وقد راح يرسم "بالاحصائيات" صورة شديدة القتامة لحال المصريين الذين وصلت نسبة الفقر بينهم إلي مستوي خطير ونسبة العاطلين بين الشباب ناهيك عن الاستياء العام الذي أصاب قطاعا كبيرا من الشعب مما يعني حسب تعليق المذيع المنحاز والمبتهج لسواد الصورة وللرسالة الحزينة. أن الطوفان قادم لا محالة ولا ذكر أو إشارة لأي انجازات عامة لصالح الشعب ولا تعليق علي مؤتمر شرم الشيخ ولا أثر لصور الشباب الصغير الرائع والمبدع الذي شارك في المؤتمر. ولا للجانب المضيء من الصورة ذلك الذي لا يراه ابدا أعضاء الطابور الخامس ولا اتباع لافتات "يسقط حكم العسكر" ولا الاعلاميون الذين تضخمت ذواتهم للدرجة التي جعلتهم لا يسمعون إلا أصواتهم.. ولا هم لهم إلا اسقاط الدولة دون التفكير في التداعيات.
لا أخفي أنني شعرت فعلا بالإحباط ليس لأنني تسلمت بما يبثوه من رسائل تنشر اليأس. وإنما للتأثير الذي يمكن أن يحدثه الاعلام المعادي علي الناس.. والدور السلبي الذي يؤديه نفر منا في المؤسسات الاعلامية المقروءة والمرئية. وفي عملية تصنيع حالة الاحباط والتحريض علي "الثورة" ومن هؤلاء وجوه قبيحة منتفخة كانت حاضرة وبصفاقة في ذلك المؤتمر الذي انتهي منذ أيام. الأمر الذي يعني أن السلطة لم تفرض أي قيود علي من يرغب في الحضور من فريق الطابور الخامس في الصحافة والاعلام فاقدي الأهلية الوطنية الذين تضخمت جيوبهم وخفت موازينهم في أعين النسبة الأكبر من المتابعين لبرامجهم. الحمد لله انهم لا يخدعون إلا أنفسهم ومن اتبع هواهم.
لا أحد بإمكانه أن يقلل من الدور الكبير الذي يلعبه الاعلام للتأثير علي مجريات الأمور السياسية والاقتصادية عبر الالحاح علي موضوعات بعينها مثل ارتفاع قيمة الدولار. ومثل مشكلة "البطالة" والفساد المتجذر منذ سنوات طويلة ومثل البطء في تنفيذ أحكام القضاء.. واشياء أخري. ولكن الرسالة الأخلاقية والمهنية تفرض توخي الموضوعية والأمانة مثلا تسليط الضوء علي هذه المشكلات بتنفيذ أسبابها وطرح الحلول الممكنة عند مواجهتها. والظروف الصعبة التي فرضت علينا والتحديات الأصعب التي نواجهها.. وإدراك اننا في حالة حرب وحصار متعمد.
شعوري بالإحباط جعلني "أسك" فورا علي هذه المنابر المسمومة وان كان هذا لا يقلل من اعترافي بالتأثير الهدام الذي يمارسه الاعلام المعادي وجوقة الاعلاميين إياهم علي الرأي العام.