أكره الضحك علي الذقون.. ولا أرضي بالاستخفاف بالعقول.. وأمقت رفع شعارات زائفة لاستغلال معاناة الناس.. ولذلك أعلن رفضي لمبادرة "الشعب يأمر" وأتمني أن نستبدلها بمبادرة "الشعب يعمل".
مبادرة "الشعب يأمر" تدعو أصحاب الشركات والمصانع لخفض أسعارهم بنسب تصل إلي 25% لمكافحة الغلاء وتخفيف معاناة البسطاء ومحدودي الدخل.. وفي رأيي أنها مبادرة ظاهرها الرحمة. وباطنها العذاب.
دعوة خفض الأسعار بنسب تصل إلي 25% تتنافي مع المنطق. لأنها تعني أن أصحاب الشركات والمصانع يكسبون الآن 40% علي الأقل. وإذا كان ذلك صحيحاً. فإنهم يستحقون محاكمة عسكرية لأنهم يمتصون دم الناس. ولكنني أظن أن ذلك غير صحيح في ظل حالة الركود والمنافسة الشرسة. سواء من المنتج المحلي. أو الأجنبي. وخصوصاً الصيني.
إذا استجاب صاحب مصنع لهذه المبادرة. فإما أن إنتاجه معيوب غير قابل للبيع. أو أنه سيقوم بخفض الوزن أو الكمية. أو أنه سيستخدم مواد رديئة في الإنتاج ليحافظ علي هامش الربح. أوأنه سيرفع الأسعار ثم يعلن بعد ذلك خفضها. مثلما يحدث في الأوكازيونات. وسيزعم وقتها أنه وطني. واستجاب لمبادرة "الشعب يأمر".
مبادرة "الشعب يأمر" لا تساهم إلا في تلميع رجال الأعمال. وتحسين صورتهم. واكتساب تعاطف الجماهير. مع مبادرة وهمية تستخف بعقولنا وتفترض أن الناس أغبياء.
المبادرة الحقيقية التي نحتاجها هي "الشعب يعمل" أو "الشعب ينتج" لأننا من أقل شعوب العالم إنتاجية. ونستهلك وقتنا في "اللت والعجن". وتنقصنا ثقافة الإنتاج.
الإحصاءات تقول إن إنتاجية العامل المصري تعادل ثلث إنتاجية العامل في جنوب شرق آسيا.. الإحصائيات تقول إن وقت العمل الفعلي للموظفين لا يتجاوز 40 دقيقة يومياً في أحسن الأحوال.. الإحصائيات تقول إننا ثاني دولة في العالم في الإجازات الرسمية.. الإحصائيات تقول إننا نستورد أكثر من 70% من احتياجاتنا الغذائية.. الإحصائيات تقول إن مصروفاتنا أكثر من الدخل بحوالي 30%!!!
الإحصائيات صادمة. وتؤكد أننا يجب أن نعمل وننتج ونترك الجري وراء التفاهات والهري علي مواقع التواصل الاجتماعي. وألا نلتفت للشعارات الزائفة التي تتجسد في مبادرة "الشعب يأمر".