يتمتع المرء أحيانًا بحُسن الخلق وهدوء الأعصاب ولا ينفعل ولا يعير اهتمامًا للأحاديث التافهة وفي أحيان أخري لا يتمكن نفس المرء من كبت شعوره بالاستياء وينفجر فيما أمامه وقد كدت أنفجر غيظًا أثناء متابعة برنامج تليفزيوني يتحدث فيه المجتمعون عن ارتفاع الأسعار ويؤكدون بل يهددون الحكومة في حالة تطبيق ما يسمي بهامش الربح. فإن الحكومة لن تستطيع وقف هوجة ارتفاع الأسعار وعلي الحكومة أن تفض يدها من الأسواق وتترك الأمور لما يسمي بآليات السوق والعرض والطلب.
المتحدثون مجموعة منتقاة من ممثلي رجال الأعمال والغرف التجارية الذين أصبحوا بمثابة لوبي افعواني ضخم يخرج لسانه للحكومة من وقت لآخر ويختلق الأزمات في السلع الاستراتيجية مما يجعل الحكومة عاجزة ومشلولة تمامًا في مواجهة الأزمات الممنهجة. قال احدهم لا فض فوه ان هامش الربح الذي تحدث رئيس الوزراء عنه يصعب تطبيقه كما أنه ضد قانون الاستثمار والدستور. وقال آخر إنه لا عودة إلي الماضي ولا تطبيق للتسعيرة الجبرية وزمن الاتحاد الاشتراكي رغم أن الحكومة نفسها نفت إعادة التسعيرة الجبرية خشية من هذا اللوبي المسعور ومن صندوق النقد الدولي وغيره من المنظمات التي تعمل في مجال تنشيط التجارة الحرة المجتمعون فيما يبدو اجتمعوا علي تهديد المجتمع المصري بأسره وتهديد الحكومة والحديث عن أزمة الدولار والحقيقة أنهم لا غيرهم وراء تلك الأزمات وهم المستفيدون الأوائل من كل مصيبة تحدث في الأسواق.
هؤلاء لا يجدون من يردعهم. فهامش الربح ليس بدعة مصرية بل مطبق في أعتي الدول الرأسمالية ويتراوح من 12 إلي 25 في المائة في مختلف المجالات والمنتجات والخدمات وإذا كان قانون الاستثمار قد تم تفصيله لهم أثناء نظام مبارك بعد استلام الإتاوات التي كانت تفرض عليهم ويدفعونها صاغرين. فقد حان الوقت لتغيير هذا القانون وتطبيق هامش الربح علي كل من يعمل بالإنتاج أو التجارة. فليس هناك بلد في العالم يكسب فيه التجار والمنتجون نسبًا تزيد أو تقترب من المائة في المائة إلي 500%.
هذا لا يحدث إلا في مصر المشغولة والمهمومة بخلق حياة أفضل لمواطنيها ووقف حالة السعار التي انتابت هؤلاء الجشعين. هامش الربح وحده هو الذي سيضبط الأسواق ويخفض سعر الصرف ليصبح الدولار بقيمته الشرائية الحقيقية في بلده. الدولار هناك يشتري علبة بيبسي واحدة وثمن تذكرة لمحطة واحدة في المترو. حجة ارتفاع سعر الدولار قد تكشفت ولعبة جمعه من الأسواق يعلم الكل من الذي يلعبها وما هو الهدف منها وعلي رئيس الوزراء أن يعمل جاهدًا وبسرعة علي تطبيق هامش الربح وألا يرضخ لهذا اللوبي الذي لا يزيد عدد أفراده بأي حال من الأحوال علي مليون شخص أعماهم الجشع وأنساهم كلمة وطن.