المساء
محمد جبريل
الوطن العربي.. كيف يتخلص من أخطر مآزقه؟
ليس بين الجامعة العربية وبيني عداء. ولعلي اعترف أني أجد في الجامعة قيمة أكبر من أنها مبني جميل علي نيل القاهرة. وأنه لو أتيح لها النهج العروبي السليم. فيكون عاملاً مهماً في علاج المشكلات الثابتة. والطارئة. التي يعانيها الوطن العربي.
حين أنشئت دولة إسرائيل ـ بدعم عسكري واقتصادي ولوجستي من القوي الكبري ـ ونالت اعترافاً فورياً من واشنطن وموسكو. القوتين الأعظم آنذاك. وحتي الآن. أرجعت المواقف الضعيفة من أقطار الجامعة إلي حداثة تكوين المنظمة السياسية. فضلاً عن أنها لم تكن قد تخلصت من التدخلات الأجنبية. بداية بفكرة إنشاء المنظمة الإقليمية. وأنها كانت لأنتوني إيدن وزير الخارجية البريطاني آنذاك. وخضوع القوات المسلحة العربية لقيادات أجنبية. أو تحوطها ظلال. وهو ما أثبتته ـ فيما بعد ـ اجتهادات المؤرخين. حتي الرجل الطيب عبدالرحمن عزام أول أمين للجامعة العربية عرفت عنه مواقف العروبية القومية. وخاض العديد من المعارك السياسية التي تضعه في المقدمة بين زعامات جيل البعث العربي.
تولي أمانة الجامعة العربية ـ بعد ذلك ـ عبدالخالق حسونة ومحمود رياض والشاذلي القليبي وعصمت عبدالمجيد وعمرو موسي ونبيل العربي وأحمد أبوالغيط. لكل منهم بصمات واضحة في محاولة إثراء الفعاليات المشتركة. والتقريب بين وجهات النظر. وإذا كانت محاولات أمانة الجامعة قد واجهت الإخفاق أحياناً كثيرة. فإن المسئولية ترجع ـ في الأغلب ـ إلي الأقطار التي تشارك في عضويتها. فقد عاملت الجامعة باعتبارها جهازاً وظيفياً لا يمتلك صلاحية اتخاذ القرارات الملزمة. وهي قرارات يشترط قانون الجامعة أن تصدر بالإجماع.
عموماً. فإني أبرئ أمناء الجامعة من معايب كثيرة. وأشدد علي ضرورة تعديل صياغة قانون الجامعة بما يؤكد مسئوليات الأقطار الأعضاء.
الإلحاح إذن علي عدم ترك الساحة العربية للأجنبي يغزل المؤامرات. بزعم المصالحة والوفاق. وهو ما تعكسه تصريحات ساسة الغرب حول الأزمات العربية الراهنة. والتي تدعو ـ صراحة ـ إلي تقسيم العراق وسوريا وليبيا إلي كيانات منفصلة.
واجه الوطن العربي ـ عبر تاريخه ـ أخطاراً كثيرة. لكن المرحلة التي يعيشها الآن هي أخطر المراحل. بل إنها تفوق في خطورتها فترة ما بعد انهيار دولة الخلافة. لأنها تعاني تفتيت المفتت. بتحويل الأقطار العربية إلي دويلات صغيرة. خاضعة لسطوة الغرب. وتطلعات القوي الإقليمية.
التخاذل العربي مسئولية أعضاء الجامعة. قبل أن تكون مسئولية الأمين العام وموظفيه. أمانة الجامعة مسئولة أمام الأقطار الأعضاء. وهي مسئولية تالية لدور القيادات في تخلص الشعب العربي من أخطر مآزقه.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف