محمد صلاح البدرى
مصر الشابة التى رأيتها..!!
أعترف بأننى توقفت عن الدهشة والانبهار منذ زمن بعيد.. إنه نوع من الزهد الذى تشعر به حين تتقدم فى العمر بعض الشىء.. يبدو أننى تقدمت نفسياً كثيراً فى الفترة الأخيرة.. ربما أكثر من سنوات عمرى الحقيقية..!
ولكن الأمر قد اختلف هذه المرة.. فما شاهدته قد فاق توقعاتى حقاً!
فلم أكن أتخيل حين استقبلت الدعوة لحضور مؤتمر الشباب الأول بشرم الشيخ فى الأسبوع الماضى أننى سأقابل من قابلت.. وأنها ستكون من المرات القليلة التى أشعر فيها بالانبهار من جديد!!
فى البداية ظننت أن المؤتمر فقط هو احتفال بتخرج الدفعة الأولى من شباب البرنامج الرئاسى.. الذى أمضى ما يقرب من عام كامل فى تدريب شاق ومتميز.. أو أنه إعادة إنتاج لمعسكرات إعداد القادة «المباركية» التى كانت تقام لشباب الجامعات فى حلوان.. لكننى اكتشفت أننى كنت مخطئاً.. فالحدث أكبر بكثير من ذلك!!
لقد اكتشفت أن الحدث هو احتفالية وطنية من الطراز الأول.. أنه لقاء يهدف إلى مناظرة الجميع.. وعرض المشكلات الحقيقية عليهم.. بل ومناقشة الحلول المتاحة.. وتقبل الاقتراحات الممكنة!
لقد كان المؤتمر يهدف لرؤية شاملة لمستقبل مصر.. مصر الشابة الفتية التى نريدها.. كان وسيلة للم الشمل كاملاً.. كان سبيلاً لتجميع القوى الوطنية كلها تحت مظلة واحدة... كان تجربة حقيقية للممارسة الديمقراطية وإبراز المشاكل وحلولها المقترحة من الشباب.. الذين أثبتوا أنهم يستحقون الكثير.. ربما أكثر مما نظن!
لقد تمكن المؤتمر من جمع كل الآراء.. ومختلف التوجهات السياسية فى مكان واحد.. بل وجعلهم يشاركون فى المشكلة وحلها.. فلم يتم إقصاء أحد تقريباً.. الكل قد حضر وشارك بموضوعية وصدق نابع من خوفه وحرصه على الوطن الذى يحتوينا.. وهو ما اعتبره أكبر مكسب خرجنا به من المؤتمر! لقد قابلت هناك المؤيد والمعارض.. والمسئول والمواطن.. كلهم فى مكان واحد.. لقد وجدت فى المؤتمر مصر كلها بمختلف أطيافها وتوجهاتها الفكرية والسياسية.. مصر التى شعرت بالفخر بأننى أنتمى إليها بجوار كل هؤلاء العظام!
إن أحداً هناك لم يحاول إقصاء الرأى الآخر.. ولم يصادر على رأى مخالف.. فالكل قد عبر عن رأيه.. واستمع لغيره بشفافية كاملة.. حتى وزراء الحكومة الذين استمعوا لنقدهم بأريحية شديدة.. بل إن البعض منهم قد اقتنع بما لم يكن يقبله قبل الحدث نفسه.. مما يدل على أن الجميع لا يريد من رأيه شيئاً إلا مصلحة الوطن.. الطريف أن المؤتمر قد تعرض للهجوم الشديد من البعض منذ أن تم الإعلان عنه.. وقوبل بالرفض من البعض الآخر قبل حتى أن يتعرفوا على برنامجه.. مما يدل على أن هناك من يرفض الحوار من الأساس.. ويرفض أى خطوة إيجابية للتقارب ولم شتات هذا الوطن!
لقد تعرض المؤتمر لاتهامات كثيرة.. أبرزها أنه تكلف ملايين الجنيهات فى الوقت الذى تعانى فيه الدولة من أزمة اقتصادية.. وأنه قد أقيم لشباب بأعينهم.. دون أن يتم تمثيل شرائح المجتمع كلها.. والواقع أننى أشهد أنه لم يكلف الدولة شيئاً بالمرة.. فالإقامة قد تكفل بها أصحاب الفنادق فى مدينة شرم الشيخ.. والانتقال قد تكفلت به شركة مصر للطيران الوطنية.. دون أن تتحمل الدولة مليماً واحداً!
كما أشهد أيضاً أننى رأيت شباباً من مختلف الشرائح السياسية والاجتماعية.. فقد تم اختيار الشباب من مديريات الشباب والرياضة على مستوى الجمهورية دون تمييز.. وبلا خطوط حمراء فى الموضوعات أو الأسئلة..! لا أنكر أننا عانينا مع الحرس الرئاسى قليلاً.. ولكننى ألتمس لهم العذر.. فقد كان الرئيس يتجول بين ورش العمل دون إبلاغ مسبق.. ولذا فإن تأمينه وسط كل ذلك الجمع كان مهمة صعبة بالفعل!
لقد أثبت المؤتمر أننا نملك كفاءات شابة فى معظم المجالات.. كما أثبت أن الحكومة الحالية.. أقل كثيراً من التحديات المطروحة.. فقد أثبتت نماذج محاكاة الحكومة التى نفذها شباب البرنامج الرئاسى.. أن منهم من يستحق أن يكون بدلاً من بعض الوزراء!
لقد نجح المؤتمر فى رسم مستقبل نريده.. ويبقى تنفيذ ما خرج منه من توصيات لتكتمل الصورة الجميلة التى أنتجها!
شكراً لكل من فكر وخطط لهذا المؤتمر.. وشكراً لكل ما شارك بفكره أو جهده.. شكراً لفريق البرنامج الرئاسى الذى أثبت أن بمصر شباباً يستحق.. وأن مصر ما زالت شابة..
شكراً لمن يبحث عن غد أفضل.. ولا عزاء للموتورين!