مرسى عطا الله
أكتوبر... المشير يصارع المرض ويرفض المغامرة
كان من رأى المشير أحمد إسماعيل - ورأيه صواب - أن الوقت لن يكون فى صالحنا إذا تأخر ذهابنا إلى الحرب هذا العام «1973» ولكن يجب أن ندرك أنه رغم اطمئناننا لأوضاع قواتنا المسلحة وكفاءتها القتالية فإنه ليس بمقدورنا تحرير سيناء كلها فى عملية عسكرية واحدة وأنه ينتوى توجيه ضربة قوية موجعة ومفاجئة لإسرائيل مع الاستعداد لاحتواء ضربتها المضادة وتقليل آثارها... وكان من رأيه أيضا السعى بكل الوسائل لخداع إسرائيل وتعميتها عن رؤية الاستعدادات المصرية للحرب حتى نحرمها من امتلاك زمام المبادرة ولكى نتمكن من صنع المفاجأة الاستراتيجية.
كان المشير أحمد إسماعيل على يركز جل اهتمامه على صون وحماية القوات المسلحة من مخاطر أى مغامرة عسكرية مهما تكن مغرياتها وكان ذلك وراء تمسكه بالوقفة التعبوية للقوات المسلحة بعد النجاح الكبير الذى حققته فى الثلاثة أيام الأولى للحرب عندما تمكنت من العبور والسيطرة على كل مواقع خط بارليف وقطع الذراع الطويلة لإسرائيل المتمثلة فى قوتها الجوية بواسطة حائط صواريخ الدفاع الجوى الذى كان يغطى جبهة القناة بكاملها ولعمق يصل إلى 15 كيلو مترا داخل سيناء... كان من رأيه أن المغامرة بالذهاب لاحتلال مضائق سيناء حسبما كان ينادى البعض بأنه بمثابة دفع لقواتنا المسلحة للاندفاع نحو أرض مكشوفة دون غطاء جوى يحميها لكى تصبح فريسة للطيران الإسرائيلى بمثل ما حدث فى 5 يونيو 1967.
وطوال أيام الحرب ورغم اشتداد الآلام المبرحة للمرض اللعين الذى داهمه بشدة أبى أن يترك موقعه وظل يمارس دوره بكل كفاءة واقتدار إلى أن وضعت الحرب أوزارها واطمأن إلى سلامة وأمن قوات الجيش الثالث الميدانى التى كان الإسرائيليون يتوهمون إمكانية إطباق الحصار عليها بعد «ثغرة الدفرسوار ولم تفارق ابتسامة الطيبة والصفاء وجهه لحظة واحدة حتى يواصل بث الثقة فى نفوس كل الجنرالات والقادة المعاونين له فى مركز العمليات الرئيسى عند مشارف القاهرة.
وغدا نطالع صفحات جديدة