الجمهورية
على عبد الغنى الفقى
دواء مغشوش وأرباح غير مشروعة
استطاعت صناعة الدواء المصرية أن تكون حصناً آمناً.. ودرعاً واقية للشعب.. وتمكنت من توفير الدواء الآمن والفعال بأسعار تتناسب مع دخل المواطن وخاصة في وقت الأزمات .
هكذا بدأ معي الخبير الصيدلي الدكتور فاروق الرزيقي كلامه في جلسة شعرت فيها بوطنية جارفة.. وبحر فياض في حب مصر.. ورغبة حقيقية في حماية المرضي.. خاصة حينما أكد لي أن هذه الصناعة تمر الآن بمنعطفات خطيرة ومنحنيات شديدة وتحديات أليمة وتصرفات غير مسئولة من الدخلاء تساعد علي هدمها وترديها لتحقيق مصالح ذاتية.. خاصة في ظل نقص بعض الأصناف الحيوية لتنتعش تجارتهم غير المشروعة من الدواء المغشوش والمقلد محققين أرباحاً فلكية تفوق مايحققة تجار السلاح والمخدرات.. فوفقاً لإحصائيات منظمة الصحة العالمية فإن حجم التجارة اليومي عالمياً من الأدوية المغشوشة 88 مليون دولار و32 مليار دولار سنوياً.
بالفعل ومن خلال عملي في قطاع الصحة منذ مايقرب من ثلث قرن .. هناك مشاكل في قطاع الدواء.. وقد أكد لي أحد وزراء الصحة السابقين أن هناك العديد من الأدوية يتم دخولها للبلاد بطرق غير مشروعة وتتداول في الظلام بأسعار تفوق أسعارها في دول غنية محققين مكاسب تصل إلي 500% وتصل أرباحهم السنوية إلي مليار و200 مليون جنيه.. وأن الحل هو تسجيل هذا الدواء ولكن قامت ثورة يناير 2011 ولم تمهل هذا الوزير تحقيق مايصبو إليه.
ويعاني سوق الدواء في مصر من عشوائية التخطيط.. وغياباً للسياسات الواضحة.. وتعاني الشركات الحكومية العديد من المشاكل .. فالدولة تطالبها بتوفير الدواء بأسعار اجتماعية دون أن تساعدها اقتصاديا فشحت الكثير من الأصناف نتيجة إحجام الشركات عن إنتاجها لعدم الجدوي الاقتصادية.. المصانع الإستثمارية تعاني تضارب السياسات.. والقرارات الاقتصادية المفاجئة والعشوائية.. والرسوم التي تفرض من خلال الدولة لتصرف مكافآت.. وبدلات وحوافز لأصغر موظف حتي وزير الصحة.. ويتم بالطبع تحميلها علي أسعار الدواء.
الصيدليات ايضاً تعاني المشاكل.. منها ثبات هامش الربح منذ أكثر من 20 سنة في المقابل ارتفعت اسعار الخدمات وأجور العمالة ومصروفات التشغيل.. إلي جانب قيام البعض بممارسات ضارة تؤثر بالسلب علي اقتصادياتها.. منها قيام بعض شركات التوزيع ومخازن الأدوية بتوزيع الدواء وخاصة مرتفع السعر بعيادات بعض الأطباء.. واختصرت دور الصيدلية التي تعتبر وفقاً للقانون المنفذ الآمن والوحيد لتجارة الدواء للمواطن .
كل ذلك ضد مصلحة المريض.. واستنزافاً لموارده الاقتصادية.. وتلاعباً واضحاً لأحد حقوقه التي أقرتها له منظمة الصحة العالمية وكافة القوانين.. والأعراف والانسانيات.. وهو حصوله علي الدواء الآمن والفعال بسعر مناسب.. وفي الوقت المناسب.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف