الوفد
عباس الطرابيلى
حمودة.. مات يا رجالة!
فى صمت رهيب ـ وحزين ـ رحل عن حياتنا الوفدية الدكتور عبدالمحسن حمودة.. وهو آخر الوفديين القدامى ـ وفد ما قبل 1952 ـ وهو مناضل شديد المراس.. مقاتل عنيف لكل من كان يحاول هدم الوفد.. أو يلوث مبادئه، وهو أبرز قيادات «جماعة» الطليعة الوفدية وأعلاهم صوتًا.
وجيل الوفديين المحدثين الآن ربما لا يعرفون قيمة وقدر أفكار هذه الطليعة الوفدية التي تكونت من شباب الوفد منذ منتصف أربعينيات القرن الماضى إذ كان هدفهم الأساسى هو إعادة بعث الوفد منذ الأربعينيات وحقنه بحقنة جلوكوز ليعبر.. والأهم: أن يجدد شباب الوفد.. وليس يجدد أفكار ومبادئ الوفد.. ولو واجهت جماعة الطليعة الوفدية حربًا شرسة من شيوخ الوفد القدامى، ولا نقول عواجيزهم.. رغم أن من جماعة هذه الطليعة من يرى أن دخول بعض ملاك الأراضى الزراعية يقلل من ثورية الوفد وقدرته على النضال السياسى واستكمال مسيرته.. وإذا كان بعض قادة الوفد القدامى قد «تعبوا» من طول النضال ضد القصر الملكى. وضد سطوة الانجليز من مقرهم فى قصر الدوبارة.. وأيضًا ضد الساسة اليمينيين فى أحزاب الأقلية.. فإن هذه الطليعة الوفدية كانت تصر على مواصلة النضال رغم ما أصاب الوفديين من طول نضالهم.. وبالذات بعد ثورة 1952.
<< وقيادة الطليعة الوفدية كانت تضم حوالى 12 شخصًا. ربما كان أبرزهم الطالب بالهندسة الشاب مصطفى موسى، وكان زعيمًا للطلبة الوفديين بجامعة فؤاد الأول «القاهرة الآن» وهو غير «الزعيم محمد عيد» زعيم طلبة جامعة فاروق الإسكندرية الآن.. واستمر مصطفى موسى يناضل إلى أن قامت ثورة يوليو فأكمل دراسته واتصل بقادة الثورة الجزائرية والتحق بهم بقيادة أحمد بن بيلا وعاش فى الجزائر مع أسرته مستشارًا ومشاركًا للقيادة التاريخية هناك.. ولما توفى ـ وهو بالجزائر ـ أمر الرئيس الجزائرى بنقل جثمانه على طائرة خاصة جزائرية، بعد أن شيعوا جثمانه هناك فى جنازة عسكرية ومازال نجله موسى مصطفى موسى يواصل نضاله السياسى الآن من خلال رئاسته لحزب الغد.
<< والدكتور محمد مندور أستاذ النقد الأدبى والفنى الذى درس أساس النقد بقسم الصحافة بجامعة القاهرة عام 1958.. وكان صحفيًا ممتازًا ورئيسًا لإحدى أهم الصحف الوفدية التي تعبر عن رأى وسياسة الوفد قبل يوليو 1952. ثم كان هناك إبراهيم طلعت السكندرى والسياسى المحنك الذى احترمه حتى قادة ثورة يوليو وكان نموذجًا للثورجى والسياسى الوفدى الأصيل حتى وان جمد نشاطه الوفدى الحزبى من السنوات الأولى لعودة الوفد.. ويتذكر السياسى المخضرم أحمد عودة وزميلنا الغالى أحمد عزالعرب وكلاهما من رؤساء الوفد الشرفيين.. ومعهم أيضًا: الوفدى الأصيل نجل الوفد العريق: مصطفى الطويل ـ أول رئيس شرف للوفد ـ وكان والده وزيرًا فى حكومات النحاس باشا.. ودخل هو نفسه مجلس الشعب فى أول انتخابات شارك فيها الحزب عام 1984، هؤلاء يتذكرون معى نضال هذه الطليعة الوفدية.
<< ولكننى أرى أن عبدالمحسن حمودة كان أشرس أعضاء الطليعة الوفدية نشاطًا ومعارضة أيام عبدالناصر والسادات.. وحسنى مبارك، وللأسف لم يكن مستحبًا لنا أن نتحدث طويلاً ـ تحت قيادة الباشا العظيم فؤاد سراج الدين ـ ان نتحدث عن حمودة، ولكن للتاريخ أقول إنه رغم اختلاف الآراء بينه وبين الباشا إلا أن الباشا كان يكن له احترامًا كاملاً وما سمعته يومًا يطلب منع نشر مقالاته ـ على ندرتها ـ فى جريدة الوفد.. حقيقة كان حمودة يساريًا فى نظرته للأمور.. ولكنه لم ينس أبدًا جذوره الوفدية.. ومبادئ الوفد التي تربى عليها رحم الله الدكتور عبدالمحسن حمودة.. بطل الطليعة الوفدية.
ولا ننسى هنا أبدًا أحد أبرز قيادات الطليعة وهو الدكتور عزيز فهمى الذى كان يعارض حتى والده عبدالسلام فهمى جمعة رئيس مجلس النواب وكان الابن عضوًا بالمجلس.. وقتلوه فى حادث سيارة متعمد للتخلص منه ومن أفكاره وثوريته.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف