المصريون
د . هشام السيد
حواديت المصطبة...كفاية كده
في القرن الماضي في ايام جمال عبد الناصر، و قبل ظهور الفضائيات والانترنت كانت الصحف الرسمية و خطابات الرئيس هي المصدر الوحيد للمعلومات و متابعة الاحداث، و كان من الطبيعي ان تستمر خطبة الرئيس ساعتين او اكثر، مثله في ذلك مثل كثير من قادة الدول الاشتراكية و الشيوعية، فيدل كاسترو في كوبا الشيوعية كانت تستمر خطاباته 5 او 6 ساعات وينام المستمعون من الملل و يقومون و مازال الرئيس في خطابه، و كذلك كان القذافي في ليبيا و خروشوف في روسيا ومن قبلهم لينين الذي بدا لثورة الشيوعية، ساعات و ساعات في اسطوانات مشروخة تعيد و تكرر نفس الكلام الاجوف. ثم اتحفنا انور السادات بمصطلح جديد، استعمله بعده عوكشة الفراعين، وهو حديث المصطبة، لساعات و ساعات ، حيث يخلع بدله الاوربية الفاخرة و يرتدي الجلبية و يفيض في احاديثه من القلب للقلب للشعب الغلبان و يوعدهم ان الرخاء قادم علي الابواب، وانه واحد من الشعب كان ينام علي القش فوق الفرن في بيت اهله المتواضع وهو طفل، ويستاثر في خطابات احدي المذيعات، وكات في وقته همت مصطفي، لتنفرد بكل الالهامات و التنزيلات التي يتفضل بها علي شعبه (اهل القرية ) . مبارك من بعده لم يطل في احاديث المصاطب ، لقدرته المحدودة في البلاغة و الابداع و لافتقاده الكاريزما او القدرة علي فبركة الكاريزما ،و ايضا لاحتقاره لشعبه و الذي كان في نظره لايستحق كل ذلك المجهود، فكل الامور بتمشي بالجزمة و الشلوت والامن المركزي ولاداعي للمراغة السياسية. اما الان، و في زمن النقل الفوري و اللحظي للمعلومات، في الاف القنوات الفضائية و شبكات خارقة القوي من التواصل الاجتماعي، لماذا يصر الزعيم علي احاديث و حواديت المصطبة، لساعات و ساعات، يتكرر فيها نفس الكلام و الاسطوانات المشروخة، و الشعارات التي مل منها الناس، و قصص و نوادر مثالية من حياة الزعيم والتي يجب علي الناس التعلم منها و الاحتداء بها. ولماذا يجبر الوزراء وكبار المسؤلين الحكوميين علي ترك مشاغل وظائفهم لساعات طويلة ليجلسوا بادب شديد للاستماع لاحاديث المصاطب، في وقت من المفروض ان يستغل للعمل والانجاز و حل المشكلات الملحة للشعب. لم نسمع ان رئيس امريكا او ماليزيا او كوريا الجنوبية او اي دولة متقدمة يقضي ساعات في خطب رسمية بداعي او بدون داعي، فلا وقت عند الزعماء المتقدمين يضيعونه في احاديث المصاطب، بل مؤتمرات صحفية سريعة و مفتوحة لكل اطياف الاعلام يعلقون فيها علي احداث معينة او خطب قصيرة في مناسبات هامة، و لايترك لها الوزراء و كبار المسؤلين مكاتبهم ليحضروها. و كيف يطلقون عندنا الشعارات يوميا عن اهمية العمل و العطاء و حب البلد وهم يتمددون في كراسيهم لساعات لسماع نفس الحواديت. مصالح الناس لابد ان تكون هي الشغل الشاغل لكل مسئول ولايكفيه 24 ساعة يوميا لو راعي ضميره، مزيد من الجدية ياسادة و كفانا هراء.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف