عبد الرحمن فهمى
ماذا لو ألغينا وزارة المواصلات
مجلس النواب يفكر في سحب الثقة من الحكومة بعد كارثة السيول التي كانت متوقعة ولم تتحرك الحكومة إلا بعد وقوع الكارثة كالعادة.. نحن ندور في نفس "ساقية الماضي" .. تغيير الحكومة أو تعديل جديد لبعض الوزارات هو نفس التفكير ونفس الروتين ونفس العقلية التي نريد تغييرها.. المشكلة ليست في الحكومة .. المشكلة في "هيكل السلطة التنفيذية".. حكاية 34 وزيرا لابد من الغائها من قاموس الحكم في "الجمهورية الثالثة".. أقل عدد من الوزراء سينتجون أكثر من الـ 34 إياهم .. سأضرب لكم مثالا موجودا حاليا.. بل هو سبب التفكير في التعديل أو التغيير الوزاري.. قولوا لي:
ــ ما هي الوزارة المسئولة عن كارثة السيول؟!.. هل هي وزارة البيئة مثلا.. ولا أدري مصلحة الارصاد الجوية تتبع لأي وزارة.. أم وزارة الري لكي تستعد لاستغلال هذه السيول خير استغلال.. وكارثة ان يكون عندنا وزارة للري بعيدا عن وزارة الزراعة؟!! كما عندنا وزارتان للتموين.. مواضيع غريبة في هذه الوزارة التي يحرص رئيسها علي دوام الاجتماع بالاعلام وبمجلس النواب خشية الهجوم عليه!!
***
نعم .. لابد من التغيير .. ولكن السؤال هو: تغيير ماذا؟! ليس تغيير أسماء .. المطلوب تغيير طريقة التفكير وطريقة العمل.. دول كثيرة لها طرق مختلفة في تشكيل السلطة التنفيذية "أخطر سلطة من بين الأربع سلطات".. بل نحن أنفسنا جربنا طرقا كثيرة في مرافق كثيرة.
سأضرب لكم مثالا ياريت المخضرمون أمثالنا يشهدون به.. النقل العام بالقاهرة والأقاليم خير أم "أبورجيله" لم نكن نقول سوي كلمة أبورجيله حينما نذكر وسائل النقل العام عامة.
***
هل تريدون أن اذكر لكم قصة قديمة في هذا الخصوص؟!
كان هناك حارس مرمي لنادي الترسانة يوناني الجنسية يقيم في مصر.. اسمه ديمتري اسطاموليس يجيد عدة لغات.. بعد ان اعتزل عمل معنا في القسم الرياضي بالجمهورية لترجمة المجلات الرياضية الأجنبية .. لم تكن المرتبات تكفي في ذلك الوقت توسطنا له عند المرحوم عبداللطيف أبورجيله الذي الحقه بعمل غريب.. مفتش في وسائل نقل القاهرة.. مفتش خفي.. يقطع تذكرة مثل أي راكب ويظل حتي نهاية الخط وينزل ليركب في سيارة أخري بتذكرة أخري ويكتب تقريرا كل يوم.. ويعطي التقرير لرئيسه وللتفتيش مكتب في عمارة بعيدة عن مبني الشركة وعن مكتب أبورجيله.. وهناك عدد من المفتشين يتم توزيعهم علي الخطوط.. يعطي اسطاموليس مع تقريره التذاكر التي قطعها لأخذ ثمنها بل ليتأكد رئيسه انه ركب هذه الأوتوبيسات بالفعل!! حتي هذا التفتيش السري يبدأ في الجراج للتأكد من ان كل سايس غسل عدد السيارات المطلوبة منه والميكانيكي اختبر الموتور.. ما هذا؟ هذا هو عمل الشركات الخاصة لا الوزارات ولا الشركات الحكومية!!
ماذا لو عملنا هذه التجربة مثلا في السكك الحديدة؟؟!! مثلا وقفلنا وزارة المواصلات!!! مثلا مثلا.