* إذا كانت الأوبرا تحتفل باليويبل الفضي لمهرجان الموسيقي العربية فإنه بالنسبة لي يمثل 25 عاماً من تاريخي الصحفي والنقدي حيث شاهدت بداياته منذ كان فكرة تختمر في ذهن د.رتيبة الحفني وتابعته صحفياً ونقدياً حتي يومنا هذا وكنت أول من أسست نشرته في دورته الرابعة وتم تكريمي عام 2012 في حفل افتتاحه.
حكاية المهرجان بدأت في العام الذي تولي فيه د.ناصر الأنصاري ـ رحمه الله ـ رئاسة الأوبرا عام 1992 حيث قدمت "الحفني" اقتراحاً بعمل مهرجان يتم الاحتفال فيه باليوبيل الفضي لفرقة الموسيقي العربية التي أسسها وصاحب فكرتها الموسيقار الراحل عبدالحليم نويرة الذي كان له فلسفة خاصة تتفق مع دراسته لأصول التأليف بأن يكتشف كنوز التراث المهملة ويقدمها من خلال توزيع جديد في الموسيقي وأيضاً في الأصوات البشرية عن طريق الغناء الجماعي فكانت المجموعة هي البطل وهذه مهمة لا يقدر عليها إلا مؤلف موسيقي مالكاً لأدواته.
نجحت الفكرة وبدأت تتكرر في بعض البلاد العربية وظهر العديد من الفرق ومعظمها كانت تدور في فلك نويرة واكتشافاته وتوزيعاته وكانت فكرة أن تشارك هذه الفرق في المهرجان احتفالاً بالفرقة الأم وكانت الحفلات علي مدي عشرة أيام وهناك مؤتمر علمي مواكب علي غرار مؤتمر 1932 وأقيمت مسابقة في العزف ومعرض للخط العربي.
وكانت المفاجأة أنه حظي بإقبال جماهيري كبير وظهرت الاقتراحات بإعادة تقديمه مرة كل سنتين وآخرون اقترحوا أن يقام سنوياً في نفس الموعد ولاقي هذا الاقتراح التشجيع وتفرغت د.رتيبة الحفني لهذا المهرجان الذي أصبح يكبر يوماً بعد يوم وصنع الكثير من النجوم منهم لطفي بوشناق وأصالة وصابر الرباعي وصفوان بهلوان وعازف الكمان جهاد عقل بخلاف أبناء الأوبرا الذين بدأوا يتألقون ويصبحون نجوماً مثل مي فاروق وريهام عبدالحكيم وأمجد العطافي وأحلام أحمد ومحمود درويش وعزة نصر وريم كمال وأحمد عفت وإيمان عبدالغني ورحاب عمر ومروة حمدي وياسر سليمان وإبراهيم راشد وأحمد صبري وحسام صقر وغيرهم فلدينا الكثير من المواهب ومن أجيال مختلفة وجميعهم علي درجة عالية من الأداء والحفظ.
وتحولت أيام المهرجان إلي عرس احتفالي حافظ وجوده علي نجومية العديد من نجومنا وقد اتضح هذا جلياً من الفيلم الوثائقي الذي استعرضوا فيه مقتطفات من الدورات السابقة.
لقد أنعشوا ذاكرتي حيث تجلي أمامي كيف تابعت هذه الأحداث صحفياً ونقدياً.. وبالتأكيد بطول فترة معاشرتي للمهرجان أصبح لي رؤيتي الخاصة حول أحداثه وكيفية تطوره ولكن لهذا حديث آخر.
المهم الآن نحن نعيش فرحة الإقبال الجماهيري والحفلات كاملة العدد التي اتسمت بها فترة د.إيناس عبدالدايم ليس في الموسيقي العربية فقط وإنما في كل فروع الفن التي تقدمها الأوبرا.