محمد جبريل
ع البحري .. سر الساحرة المستديرة!
نشرت الصحف نبأ فوز فريق النادي الأهلي ببطولة أفريقيا لكرة اليد. تالياً لتعادله مع الاتحاد السكندري في كرة القدم. وشكا الفائزون المصريون في بطولة العالم للكاراتيه من الإهمال الغريب للمسئولين. وعبرت واحدة من البطلات عن حزنها لأن الجيران لم يعرفوا أنها حصلت علي الميدالية الذهبية. جرت البطولة في السر. وعاد الأبطال بالكيفية نفسها. اتهموا وزارة الشباب والرياضة. واتهموا الإعلام.
ما حدث في كرة اليد والكاراتيه يحدث في كل اللعبات. كرة القدم هي التنين المفترس الذي يبتلع كل شيء. لا يبقي للعبات الأخري سوي الفتات.
المشكلة قديمة. يصعب التعرف إلي بداياتها. شعبنا ليس استثناء في كرة القدم. ثمة شعوب أخري تخص الكرة بأولوية علي باقي اللعبات. بل إن اهتمام شعوب أمريكا اللاتينية بكرة القدم يفوق اهتمامها بلقمة العيش. إنها الخبز والغموس ومحور الاهتمام. ولعلنا نذكر لاعب الإكوادور المسكين الذي عاقبه المتعصبون من مشجعي كرة القدم في بلاده بالقتل. لأنه أخفق في هز الشباك!
مع ذلك. فإن للعبات الأخري مكانتها التي لا تظهر بأولوية كرة القدم. لكنها لا تعاني الإهمال والتجاهل وعدم الالتفات التي تعانيه هذه اللعبات في بلادنا. ذلك ما يطالعنا في بطولات العالم والدورات الأولمبية. تتنافس اللعبات في الفوز بالجوائز الأولي. ونحن قد لا نشارك في بطولة كرة القدم لإخفاقنا في الوصول إلي نهائيات الدورة. ونجد غاية المراد في انتزاع ميدالية برونزية في لعبة فردية. أما الفوز في كرة القدم. والألعاب الجماعية بعامة. فهو المستحيل الذي يصعب بلوغه.
كرة القدم تحصل علي الصيت. حب الجماهير يهبها هذا الحق. لكن الإعلام يستطيع ترشيد الوعي ـ هذا هو التعبير الذي يحضرني ـ فتجد باقي اللعبات اهتماماً لا يرقي إلي ما نوليه لكرة القدم. وإن اقترب منه.
أحببت كرة السلة لحب أبناء مدينتي لها. ثم أحببت كرة اليد. صرت من غلاة عشاقها. منذ أقيمت بطولة العالم للشباب ـ قبل سنوات ـ في استاد القاهرة.
أجبت عن السؤال: لماذا تقتصر علي مشاهدة مباريات كرة القدم؟ قلت: لأن كرة القدم هي اللعبة التي تفرد لها قنوات التليفزيون. وقد أنشئت قنوات لكرة القدم. بينما تعاني باقي اللعبات الجماعية والفردية من إهمال غريب. رغم أنها تحصل لنا علي ذهبيات الجوائز!
ثمة من يتابعون لعبات غير كرة القدم. يفتشون عنها في القنوات الفضائية. فتطالعهم كرة القدم باستدارتها السحرية.
لم يكن لغالبية الناس صلة بالتنس. وقدم الراحل عادل شريف مباريات التنس علي مدي ساعات متصلة. وشهدت إقبالاً جماهيرياً لافتاً. بلغ نهايته برحيل المعلق عن حياتنا!
نعيب علي الدراما أنها تستجيب لمنطق الجمهور عايز كده. لكن هذا المنطق هو ما يصدر عن برامج الفضائيات. فهي تدين لسيادة الساحرة المستديرة. بينما باقي اللعبات في عزلتها المستكينة.. علي الهامش!