أحمد سليمان
في حب مصر .. اطرقوا الحديد وهو ساخن
البداية الصحيحة لمواجهة أزمة الدولار كانت أمس الأول عندما اجتمع الرئيس السيسي مع المجلس الأعلي للاستثمار بتشكيله الجديد برئاسته شخصياً . وبعد أقل من أربع وعشرين ساعة انهار سعر صرف الدولار بالسوق السوداء ليهبط ـ حتي كتابة هذه السطور ـ من 19 جنيهاً إلي تسعة جنيهات و75 قرشاً في بعض المحافظات. وربما ينخفض السعر أكثر من ذلك خلال الساعات المقبلة.
ما قاله أمس هشام عكاشة رئيس مجلس إدارة البنك الأهلي في تصريحات خاصة لأحد المواقع الإليكترونية يؤكد أن هناك تغيرات جذرية طرأت وسوف تطرأ علي الوضع الاقتصادي المصري خلال الأيام القادمة.
قال رئيس البنك الأهلي إن مصرفه رصد ارتفاعاً ملحوظاً في محاولات التخلص من الدولار عن طريق سحب الودائع الدولارية للتخلص من العملة الأمريكية بعد أن شهدت انهياراً ملحوظاً خلال اليومين الماضيين مؤكداً أن هناك في المقابل إقبالاً ملحوظاً علي شراء الشهادات الادخارية بالجنيه المصري رصدته أفرع البنك الأهلي بمختلف المحافظات.
أيضاً قال رئيس البنك الأهلي إن سعر صرف الدولار تراوح بين عشرة جنيهات واثني عشر جنيها خلال يوم أمس وذلك نتيجة حزمة الإجراءات الاقتصادية التي اتخذتها الدولة خلال الساعات الماضية.
ترتب علي انهيار الدولار انخفاض سعر طن الحديد بمقدار 1200 جنيه. وأكدت الغرفة التجارية علي لسان علي شكري نائب رئيس الغرفة أن مبادرة ترشيد استيراد السلع غير الأساسية لمدة ثلاثة أشهر كان أحد أسباب هبوط سعر الدولار وأن الايام المقبلة سوف تشهد مزيداً من الهبوط في سعره.
أكثر المتفائلين لم يكن يتوقع هذا الانهيار السريع في سعر الدولار بالسوق السوداء . حتي أن عدداً ليس بالقليل من المضاربين علي الدولار أصيبوا بأزمات قلبية ودخلوا غرف العناية المركزة بسبب هذه الضربة الموجعة التي أصابتهم في مقتل. وهم من عكر علي المصريين صفو حياتهم وتسببوا في ارتفاع أسعار كل شئ. حتي أن هناك حسابات منسوبة لأنصار الإخوان المسلمين تطال . بل ترجو الناس عدم بيع ما لديهم من دولارات أملاً منهم في استمرار أزمة الدولار إلي ما لا نهاية.
الآن ما هو المنتظر من الدولة حتي لا يكون هذا الانهيار لسعر الدولار مؤقتاً ثم يعود للارتفاع مرة أخري؟
أعتقد أن المجلس الأعلي للاستثمار كان متوقعاً ما حدث . كما سبق أن توقعه الرئيس السيسي بنفسه عندما قال:"سيأتي اليوم الذي يسرع فيه من لديه دولارات للتخلص منها". وأري أنه لا بد من الطرق علي الحديد وهو ساخن باتخاذ إجراءات اقتصادية استثنائية مثل حظر التعامل بالدولار خارج الجهاز المصرفي المعتمد من الدولة . وفرض عقوبات صارمة ضد كل من يخالف ذلك وتنفيذ هذه العقوبات فوراً . أو فتح شركات صرافة تابعة للدولة كما أعلن رئيس البنك الأهلي أمس وحظر التعامل في العملات الأجنبية خارج هذا الإطار.
كما أتوقع أن يتم الإسراع بإقرار قانون الاستثمار في أول جلسة يعقدها مجلس النواب يوم 13 نوفمبر بحيث يتيح الفرصة لجذب استثمارات محلية وأجنبية تفتح الباب لتوفير فرص عمل والقضاء علي أزمة البطالة.
واستكمالاً للأنباء السعيدة فقد علمت أنه تم لأول مرة تعاقد الدول الأجنبية علي شراء كامل الإنتاج المصري من القطن طويل التيلة ذي السلالة الجديدة والبالغ 900 ألف طن بعد أن أثبتت مراكز الأبحاث الأمريكية أنه يتفوق في جودته علي الصنف الأمريكي الذي احتل مكانة القطن المصري طويل التيلة خلال السنوات الماضية . كما سيتم قريباً إدخال ماكينات تصنيع القطن طويل التيلة في المصانع المصرية بعد أن تم حظرها بسبب إصرارالبعض علي استيراد القطن قصير التيلة الصيني الذي أفسد المنتج المصري بعد أن كانت له ميزة نسبية في جميع دول العالم.
وإذا أضفنا لذلك أن هناك جهوداً مضنية لإعادة تشغيل مصانع النسيج بالمحلة الكبري وكفر الدوار. وشركة النصر لصناعة السيارات . ومصنع الحديد والصلب بحلوان بكامل طاقته بعد أن كان يعمل بربع طاقته . وأيضاً زيادة الرقعة الزراعية من القمح بمقدار نصف مليون فدان هذا العام. وزيادة الاحتياطي الاستراتيجي من الغاز إلي 42 مليار قدم مكعب منها 30 ملياراً من حقل ظهر وحده. وهذا الإقبال الكبير من الشركات العالمية للاستثمار في مشروع محور قناة السويس لعلمنا أن المستقبل يحمل الخير للمصريين الذين تحملوا الكثير من أجل بلدهم . وها هي الأيام تؤكد أن الله لن يضيع صبرهم هباءً وسيجزيهم خيراً كثيراً وفي القريب العاجل إن شاء الله.