المصرى اليوم
نيوتن
النفاق
تعددت الأسباب والموت واحد. هكذا النفاق أيضا. تعددت أشكاله ومحصلته واحدة. نهايته معروفة. مزيد من الإحباط. مزيد من التراجع. مزيد من غياب العدل. غياب القيم. مزيد من الضمائر الميتة.

على مدى عمرنا شاهدنا للنفاق أشكالا وألوانا. بغض النظر كم تبلغ أعمارنا. طالت أو قصرت. النفاق تتغير أشكاله كما تتغير الموضة مع الأزياء. عرفنا نفاقًا للأفراد. للحكام. للمؤسسات. لكن هناك حقيقة أصبحت مؤكدة فى ضمير كل منا. عند الإقلاع عن تلك الرذيلة فقط. بعدها سنبدأ فى الانطلاق.

هناك من كان ينافق الحاكم. من كان ينافق الملك. من كان ولايزال ينافق الرؤساء. نفاقًا فى ظاهره الدفاع عن الوطن. وفى باطنه التربح والارتزاق. لم يتوقف الأمر عند هذا الحد. بل تطور فى زماننا هذا. أصبح هناك ترخيص. من يحصل عليه يجد تصريحا بالهجوم. بالقذف. ترخيص بالسفالة وقلة الحياء. يذهب إلى درجة الاغتيال الأدبى.

الخطر الحقيقى هو عندما تمارس الدولة نفسها النفاق. تنافق الشعب طبعاً. لماذا؟ لاكتساب شعبية. لاكتساب شرعية. كيف يكون ذلك؟ إليك أمثلة. بتعليم أساسى يدّعون أنه مجانى. يؤدى بعد ذلك إلى تعليم جامعى يدّعون أنه حق للجميع. خريجوه لا علاقة لهم بسوق العمل. لا علاقة لهم بأداء أمر يفيد البلد. ثم نفاق بوظائف حكومية تُمنح للمحظوظين كما تُمنح تأشيرات الحج. فماذا كانت النتيجة؟

انتهينا إلى أكبر جهاز حكومى متضخم فى العالم. انتهينا إلى بيروقراطية تُضرب بها الأمثال. انتهينا إلى دولة عميقة. أعمق من قاع المحيط. توقف المراكب السائرة. بالقانون. كما انتهى التعليم إلى تجارة مربحة يمارسها القطاع الخاص بأشكاله.

أضفنا عبئاً جديداً إلى القوات المسلحة. هى لا تمارس مهامها القتالية فقط. هى لا تمارس حماية حدودها فحسب. هى لا تكتفى بتشييع شهدائها الذين يتساقطون ضحية للإرهاب الغاشم فحسب. بل أصبح عليها الانتشار فى كل الميادين والأماكن العامة. تقدم السلع الغذائية المدعمة للمواطنين. اللحوم. الخضروات. السكر. الأرز والزيت. وغيرها. أحياناً بنصف الثمن. أو بربع الثمن. لا فرق.

بكل هذا انتهينا عملياً إلى أرض النفاق. هى أرض لا تصلح للوثبة المصرية المطلوبة. وثبة الإنقاذ. انتهى.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف