"مسلسل الأزمات بدأ بالرز ثم باللبن وحاليا السكر .. انها مؤامرة علي الرز باللبن".. هذا اطرف تعليق سمعته علي أزمة السكر التي لا تزال قائمة وعجزت الحكومة عن حلها رغم رفع سعره رسميا من 5 الي 7 جنيهات للكيلوجرام بينما يضطر المستهلك لدفع 13 جنيها وتوقفت عند تعليق شعبي آخر علي سيول البحر الاحمر يقول: "نأسف يا رأس غارب.. فالضمير غائب".
رغم تلقائية وبساطة التعليقات إلا أنها تؤكد الذكاء الشعبي الجماعي للمصريين بعيدا عن سفسطة الخبراء الاستراتيجيين ونفاق النشطاء السياسيين . وأكاذيب الإعلاميين فالتعليق الأول يكشف أن الحكومة عاجزة لأن الشعب يخرج من أزمة ليدخل في أخري لتستمر دوامة الازمات . وتستمر معها التصريحات الجوفاء لكبار المسئولين وصغارهم بشأن الاهتمام بالفقراء ورعاية محدودي الدخل الذين يشكلون 90% من إجمالي الشعب والتعليق الثاني يكشف الفساد الذي ينخر في الجهاز الاداري في الدولة ويتمثل في تعيين مسئولين بالمحافظات والمراكز والقري من أهل الثقة وليس لديهم خبرة أو كفاءة وفي التربح واهدار المال العام . والرشوة وتكشف دراسات موثقة أن فساد المحليات يبلغ 60 مليار جنيه سنويا ويقول الدكتور عادل عامر رئيس مركز المصريين للدراسات السياسية إن حجم الرشوة المدفوعة بالمحليات يبلغ مليار جنيه سنويا بمعدل 3 ملايين جنيه يوميا وتشير دراسة أعدها ملتقي "الحوار للتنمية وحقوق الإنسان" ان 58% من المتهمين في قضايا فساد هم من كبار الموظفين.
أما أحدث التعليقات الشعبية علي الأزمات فجاءت بعد ساعات من قرار تعويم الجنيه المصري مقابل الدولار فيقول أحدهم : "ياللي مخبي الدولار.. خليت الأسعار نار.. والحكومة حتعمل ايه .. ناقص تبيع الفنار" هذا التعليق البسيط لخص الازمة التي تعقد من أجل حلها المؤتمرات والندوات وتظل قراراتها حبيسة الأدراج. رجل الشارع المتواضع فهم سريعا أن الاسعار مرتبطة بالدولار لاننا بكل بساطة نستورد معظم السلع الاساسية من الخارج. ووصف مسئول اقتصادي كبير الوضع بقوله ان مصر أصبحت "كشك استيراد كبير" فوفقا لاحصائيات وزارة التجارة والصناعة فإن حجم الواردات المصرية بلغت 65 مليار دولار عام 2015 واننا نستورد 70% من احتياجاتنا الغذائية من الخارج ويكفي أن نعلم أن مصر أكبر مستورد للقمح في العالم وأي ارتفاع لاسعار الدولار يؤدي لارتفاع في اسعار السلع.
وفي ضوء قرار البنك المركزي بتعويم الجنيه وتخفيض قيمته أمام الدولار بنسبة 48% فإن الأسعار ستزيد التهابا بنسبة أكبر إذا أضفنا الفساد الأخلاقي وجشع التجار في حصد أكبر مكاسب وعلي الحكومة أن تفهم هذا الشعب جيدا وتتأكد من ذكائه الفطري وان الشعارات الرنانة لم ولن تخدعه ومن هنا وجب عليها ان تتراجع عن موقفها السلبي وتفرض اسعاراً جبرية للسلع الاساسية وألا تخضع الحكومة لتهديدات التجار الذين يزعمون بأن السلع ستختفي إذا تم تحديد هامش الربح أو للتسعيرة الجبرية ونطالب وزارة التموين بالاسراع بتطبيق القانون 45 لسنة 1945 الذي يمنح وزير التموين سلطة تحديد أسعار السلع الأساسية وندعو الحكومة لسرعة الانتهاء من مشروع قانون حماية المستهلك لأنه سيساهم بشكل فعال في ضبط الأسعار والقضاء بشكل كبير علي حالة احتكار السلع واتفق تماما مع المطالبين بتشديد العقوبات بالقانون علي المتلاعبين في الأسعار وعلي من يقومون بحجب السلع عن السوق وتخزينها للتربح بمحاكمتهم وسحب التراخيص منهم.
أما بعض الاعلاميين السذج فمطالبون بأن يحترموا عقلية الشعب المصري الذي يدرك انهم كذابون وضالون ومضلون فوصلات الردح والصراخ التي يقدمونها يوميا عبر الفضائيات لن تخدع احدا لانه ليس من المعقول ان يطالبون الشعب بالتقشف وربط الأحزمة في الوقت الذين يحصدون دخولا تقترب من مليون جنيه شهريا. ولانهم بلا مصداقية فعليهم التوقف عن مبادراتهم العشوائية مثل مبادرة "الشعب يأمر" خاصة أن لسان حال البسطاء يقول: من امتي كان الشعب يأمر.. طول عمره واخد علي دماغه أو مبادرة "مصر الدفيانة" فالشعب لن تدفئه بطانية وانما الدفء يتحقق بالعدالة الاجتماعية. أو حملة "كلنا مصريين" التي تجمع تبرعات الغلابة لتعطيها لغلابة بينما اصحاب المليارات والملايين لا يعبأون بشيء حتي الضرائب المتأخرة عليهم البالغة 63 مليار جنيه باعتراف رئيس مصلحة الضرائب يتهربون من دفعها .