سليمان جودة
الوزير لا يعرف الجامعة.. ولا تعرفه
يبدو المهندس شريف إسماعيل فى أشد الحاجة إلى أن ينبه وزير تعليمه العالى، إلى أنه وزير فى الحكومة المصرية، وليس وزيرًا للتعليم فى دولة مجاورة! ففى كل مرة تكون فيها جامعة القاهرة - مثلًا - طرفًا فى قضية وطنية كبيرة، يتصرف الوزير الدكتور أشرف الشيحى، وكأنه لا يعرف الجامعة ولا تعرفه ! بطبيعة الحال ليس مطلوبًا من الوزير أن يتصرف بالضبط كما يتصرف رئيس الجامعة نفسه، فى القضية ذاتها، ولا مطلوب منه أن يقاتل معركتها بشكل مباشر، ولا مطلوب منه أن يتصدى مباشرة لما يتصدى له رئيس هذه الجامعة الأم، أو حتى أى جامعة أخرى من جامعاتنا.. لا.. لا نطلب شيئًا من هذا، ولكننا فقط نطلب تضامن وزير التعليم العالى مع قضايا التعليم العالى.. نطلب ألا يحس المتابعون للأمور فى البلد من خارجه، بأن رئيس أكبر جامعات البلاد فى جانب، بينما الوزير المختص فى جانب آخر تمامًا !.. نطلب أن يشعر هؤلاء المتابعون أنفسهم بأن هموم رئيس الجامعة.. أى جامعة.. هى هموم الوزير صاحب الشأن، وأن قضايا رئيس الجامعة.. أى رئيس جامعة كذلك.. هى قضايا الوزير الذى يتولى الملف فى اجتماعات مجلس الوزراء، خصوصًا إذا كانت الهموم عامة، وإذا كانت القضايا من النوع ذاته!
فمن غير المعقول أن يقرر الدكتور جابر نصار، رئيس جامعة القاهرة، إلغاء خانة الديانة فى الأوراق الرسمية فى جامعته، فإذا بالوزير يعلق على الموضوع بأنه من الموضوعات التى تثير الفتن ! أى فتن ؟! وهل هذا تعليق لوزير مسئول ؟!
إننى مستعد لتقبل مثل هذا التعليق من الوزير، ومستعد لمساندته فيه، ومستعد للوقوف إلى جواره فى تعليقه هذا، إذا كان الدكتور نصار يخوض معركة خاصة، وإذا كان يحارب من أجل قضية شخصية، وإذا كان يتحرى بقراره مصلحة تخصه فى النهاية!
أما أن يكون راغبًا فى إرساء قواعد المواطنة التى جاء ذكرها فى الدستور، وأما أن يكون حريصًا على أن تكون الإشارة إلى أى شخص، فى أى أوراق تتعامل بها الجامعة، تتم فى حدود أن هذا الشخص مصرى، وفقط، بصرف النظر. عن ديانته تمامًا، ثم يخذله وزيره المسئول فى هذا كله، فهى مسألة مٌحيرة للغاية !
وأما أن يتبنى الدكتور نصار، من قبل، منع عضوات هيئة التدريس من دخول قاعات المحاضرات بالنقاب، بناء على شكاوى من الطلاب أنفسهم، لأنهم لايرون من الأستاذة التى تحاضر، والحال هكذا، ألا شفتين تتحركان، وإلا عينين حائرتين فى مكانيهما، فلا يكون خذلان الوزير له فى هذه القضية مختلفًا، عن خذلانه له فى السابقة، فهى مسألة مٌحيرة أكثر !
هى مٌحيرة فى حالتيها لأنك كمتابع سوف ترى عندها أنك أمام دولة ليست على
قلب رجل واحد، مع أن الأخطار عليها واحدة، وأنك أمام حكومة برأيين فى قضايا هى من أخطر قضاياها ! وهل هناك ما هو أخطر من العبث بقضية المواطنة ذاتها ؟!
الدولة فى أمسّ الحاجة إلى أن تتكلم لغة واحدة، وإلى أن يكون لسانها واحدًا، وإلى أن تكون معاركها مشتركة بين كل مؤسساتها، واتصال أعضاء الجسد الواحد بعضها ببعض، وإلا فإنها لا تكون دولة بالمعنى المفهوم للدول !.