مثل أى شخص يحترف مهنة الكتابة ويسعى لأن يحترم قواعدها وأخلاقياتها، فإننى أحرص على ألا أكتب إلا من وحى ضميرى وما تُمليه علىَّ قناعاتى الخاصة.
واعتقادى جازم بأن الصدق هو أقصر الطرق وأكثرها استقامة للوصول إلى عقل القارئ وقلبه.. نعم ليس فقط عقله وإنما أيضا قلبه! ولذلك فعندما كتبت، يوم الخميس الماضى (11/3)، أدافع عن د. محمد البرادعى، بسبب الهجوم الذى تعرض له بعد نشر بيانه الأخير على صفحته على فيس بوك، والذى نشرته «المصرى اليوم» صباح الأربعاء (11/2)، لم أصدر فى حديثى هذا إلا عن اقتناعى الكامل، المستند إلى خبرتى المباشرة وما لمسته شخصياً حول الدور الرئيسى الذى لعبه د. البرادعى فى إلهام ودفع الثورة المصرية فى 25 يناير 2011، والذى انعكس فى تكوين حملتى الشباب المناصرين للبرادعى من أجل التغيير..
تلك حقائق تاريخية لا تقبل الجدل أو التكذيب. غير أن علىَّ أن أعترف، اليوم، بأن كثيرا من أولئك الشباب الذين كانوا ناشطين فى هاتين الحملتين- استجابة للدكتور البرادعى- اتصلوا بى يعبرون عن احتجاجهم على ما ذكره د. البرادعى، فى بيانه، ويقولون إن تجربتهم المباشرة تقول بعكس بعض ما يذكره د. البرادعى بشأن تفاصيل الوقائع التى سبقت بيان 3 يوليو الشهير، والذى ألقاه فى ذلك الحين «الفريق أول» عبدالفتاح السيسى، وزير الدفاع، فى حضور د. البرادعى مع عناصر النخبة المصرية. وذلك يتسق أيضا مع ما جاء فى النقد الحاد الذى كتبه الزميل الأستاذ حمدى رزق، متزامناً مع ما كتبته فى نفس العدد من «المصرى اليوم» (11/3).
ولن أكون فى حدة حمدى رزق فى نقده للدكتور البرادعى، ولكنى أيضا لا أستطيع أن أتجاهل ما ذُكر من وقائع ثابتة، خاصة نص الحديث الذى أجرته صحيفة دير شبيجل الألمانية مع د. البرادعى. ولا يمكننى إلا أن أسجل ذلك، وأن أشعر بالأسف، بل الحزن الشديد، لذلك المشهد كله، خاصة إزاء شخصية أعلم أنها تحظى بالاحترام فى العالم.
وفى حين أنى أرفض أولئك الذين تطرقوا- أحيانا دون علم- لنقد أدائه الدولى، فإننى فى نفس الوقت لا يمكننى أن أتجاهل أصوات هؤلاء الذين سبق أن تحلقوا حوله بكل حب وحماس فى مصر قبل 25 يناير.. ثم سمعتهم مؤخرا بنفسى وهم ساخطون وغاضبون، وأتساءل: لماذا كتب د. البرادعى بيانه الأخير؟.. سؤال أكرر طرحه بكل إخلاص وتجرد.. وحزن!