الأخبار
د . محمد شتا
معظم النار من مستصغر الشرر
إذا أراد عدد من البحٌاث الأمناء أن يشخصوا علل المجتمع المصري فلن يختلفوا أبدا فيما بينهم علن أن التسيب يأتي في قمة هرم السلبيات، التسيب بمعني اللي عاوز يعمل حاجه غلط يعملها واللي مكلف بعمل حاجه صح (أو أداء واجب) ومعملهاش برده ماشي، محدش بيقول لحد ليه عملت كده؟؟ أو ليه معملتش كده؟؟، حتي في الأمور التي يعاقب عليها القانون كثير من الظواهر السلبية سادت في المجتمع، كأن تجد شخصا في يوم وليلة بقي دكتور ويطبع كروتا ويكتب عليها الدكتور فلان وتبتدئ الناس تقوله يا دكتور ومعظم المحيطين به عارفين أنه لا يحمل مؤهلا عاليا وبكتيره دبلوم تجارة أو ثانوية عامة، وقد يكون حاصلا علي مؤهل عال ولم يغادر مصر أبدا وحصل علي الدكتوراة من أمريكا أو أي دولة لا يعرف حرف واحد من لغتها يعني بالمصطلح القانوني ارتكب جريمة انتحال صفة، بالضبط متل كثير من القضايا التي طالعناها في الصحف اليومية عن قيام الشرطة بالقبض علي عاطل حاصل علي دبلوم تمريض متوسط بفتح عيادة وانتحال صفة طبيب، اشمعني ده؟؟؟ أمامك آلاف الحالات في المجتمع وبعضهم من النخبة وينتحلون صفة دكتور وأحيانا أستاذ دكتور، لماذا لم تقبض عليهم الشرطة وتقدمهم للمحاكمة؟؟ قد تقول الشرطة إنه ليس لديها معيار لقياس الأمور به لأن كل من انتحل صفة دكتور معاه ورقه فخيمه مكتوب عليها اسم جامعة الواق الواق ومنحت سيادته درجة الدكتوراه مع مرتبة الشرف! هل صعب علي المجلس الأعلي للجماعات أن يسعي لاستصدار تشريع من المجلس الموقر يجرم ويعاقب من ينتحل صفة دكتور ما لم تكن شهادة الدكتوراه التي يزعم انه حصل عليها معتمدة من المجلس الأعلي للجامعات؟؟؟ صعبة دي؟؟ إنما التسيب والعياذ بالله. مثلها مثل حكاية المستشار فلان الفلاني، ومعني المستشار فلان أن سيادته يعمل بسلك القضاء فإذا بك تجده مستشارا لشئون كذا في شركة كذا، يعني ليس عضو هيئه قضائية، ومع ذلك لم يتحرك أحد، ممكن يقول مستشار مالي، أو مستشار قانوني، أو مستشار هندسي او مستشار طبي، تمشي، إنما مستشار وبس، غلط، والمطلوب سطرين بس بقانون، محدش يسخر من الكلام ده ويقول يعني جت علي دي؟؟ أيوه جت علي دي، لما طيب الذكر مؤسس سنغافورة لي كوان يو أراد أن يحولها من مستنقع للدعارة والفساد والقذارة عمل قوانين عديدة منهم قانون لتحريم البصق في الشوارع يعني (التف) أعزكم الله، شفتم الناس دي بتفكر ازاي؟؟ سنغافورة الان واحدة من أنظف دول العالم!!!!!!!!
ياسادة خطورة شيوع هذه الظاهره في تأصيل معني التسيب في المجتمع، في خلق قيم سلبية تسود في نفوس النشء رويدا رويدا، ويصبح الشارع سداح مداح مثل ماهو عليه الان.
حكاية صغيرة تلخص الفكرة: عين مديرا جديدا لشرطة نيويورك، اجتمع الرجل بمأموري أقسام شرطة المدينة وقال لهم انه سيتم تقييمهم علي أساس حجم المخالفات التي يتصدون لها، استغرب الرجال طلب رئيسهم فدائما ما كان يتم تقييم أدائهم علي حجم الجنايات التي نجحوا في التصدي لها كجرائم المخدرات والقتل والاغتصاب والسرقة بالإكراه أما اليوم فهو سوف يقيمهم علي مخالفات تافهة كإلقاء القمامة في الشوارع أو الكتابة علي الحوائط أو قطف الأزهار من الحدائق العامة أو مخالفات المرور، وتلك أمور سهلة وبسيطة، إلا أنهم في الواقع تولدت لديهم قناعة بأن رئيسهم الجديد رجل أهطل والبلد هتروح في داهية، ومرت الأيام والشهور ومعدل الجريمة في نيويورك في انخفاض مستمر وبعد أن كانت في مقدمة المدن ذات معدلات الجريمة العالية أصبحت في مقدمة المدن ذات معدلات الجريمة المنخفضة، وفطن رجال شرطة نيويورك إلي خطة رئيسهم العبقري والتي كانت تقوم علي إشاعة روح الانضباط في المجتمع بتركيزه علي صغائر الأمور بالبلدي بيدق علي الهايفة، واضرب المربوط اللي إيدك طايلاه يخاف السائب اللي إيدك مش طايلاه.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف