محمد العزاوى
قرارات المركزي المفاجئة واستقرار الأسواق وإعادة الثقة
قرارات البنك المركزي بتعويم الجنيه المصري صائبة وتمثل خطوة جريئة وغير مسبوقة وسوف تقضي علي المضاربات في سعر الصرف وتساهم في استقرار الأسواق بعد أن كانت تشهد معاناة كبيرة وأزمات بين الحين والآخر خلال الشهور الماضية.
ربما تكون هذه القرارات تأخرت كثيراً ولكنها جاءت في وقت مناسب لانها ستعطي الفرصة الإيجابية للسوق الرسمية والبنوك لامتصاص حصة كبيرة من حجم المعروض من النقد الأجنبي من خلال منافسة قوية مع السوق الموازية.
لا شك ان تداعيات القرارات وآثارها سترتبط ارتباطاً مباشراً بسعر الدولار نفسه ارتفاعاً وهبوطاً ولكن يمكن أن يشهد سعره ارتفاعاً واضحاً في البنوك خاصة مع حريتها في التسعير ووقف موازين العرض والطلب وأيضاً وفق ملاءتها المالية وكذا سياساتها ومحفظتها من النقد الأجنبي في المقابل سينخفض سعر الدولار انخفاضاً كبيراً في السوق الموازية "السوق السوداء" وبالتالي لن نجد الدولار عند مستوي ال 18 أو 17 جنيهاً والذي وصل اليه خلال الفترة الماضية وقد يتحول سوق الصرف كلها رسمية أو موازية إلي سوق سوداء بمعني انتقال أثر المضاربة من شركات الصرافة والمقاهي إلي البنوك خاصة مع رغبة كل بنك في امتصاص حصة من النقد الأجنبي وتنمية محفظته الدولارية إلي جانب ضمانها لهامش الربح الذي تقرر ووفق خريطة عملائها وحجم عملها داخلياً وخارجياً وما يمكنها استغلاله من مغريات للمستثمرين ورجال الأعمال من حدود ائتمان وملاءات للاعتمادات المالية وهو ما يتطلب إلزام البنوك بتطبيق آلية "انتر بنك" خاصة انه لا ضمان لموضوعية الافصاح وشمولية من جانب كل المؤسسات المصرفية مع الاختلاف الواضح في هياكل الملكية وخطط الاستثمار والتوجهات السوقية وسيظل الباب مفتوحاً لفكرة التلاعب في البيانات المعروضة بشكل مركزي وفق متوسط كل بنك وقد يكون التلاعب محدوداً جداً علي مستويات ضيقة من خلال الفروع المختلفة للبنك الواحد وبالرغم من هذا ستؤمن القرارات التي أصدرها البنك المركزي الدولة في الحصول علي احتياجاتها من الدولار بشكل أسهل من الفترة السابقة.
كما ان القرارات ستنعكس بشكل إيجابي علي الصناعة المحلية لأن تحرير سعر الصرف يمثل دعماً إيجابياً للصادرات المصرية في الأسواق الخارجية ويزيد من حجمها لزيادة قدرتها التنافسية لرخص أسعارها بعد تقويمها بعملات الأسواق المستهدفة وأيضاً السياحة ستصبح أكثر جذباً للسائحين لان تكلفة الليلة ستكون أقل من مثيلاتها خاصة مع تقويم التكلفة الداخلية بالعملة المقابلة للبلد الوافد ولا يخفي علي أحد ان قرارات البنك المركزي بتعويم الجنيه تمت وفقاً للبرنامج الأوسع للإصلاح المالي والهيكلي الذي تتبناه الحكومة وجاري تنفيذه بإحكام لتخفيض عجز الموازنة والدين العام من خلال استكمال إصلاح منظومة الدعم وترشيد الانفاق الحكومي وخفض الواردات خاصة الاستيراد العشوائي وزيادة الصادرات وتشجيع الاستثمار المحلي والأجنبي وهذا كله يتم أيضاً وفقاً للاتفاق مع صندوق النقد والبنك الدولي للحصول علي قرض ال 12 مليار دولار وهو ما سيؤدي إلي إعادة الثقة في الاقتصاد المصري.