الوفد
علاء عريبى
رؤى .. العمالة المصرية
هذا المقال أكتبه كشهادة للتاريخ، وقبل أن أجلس وأكتبه حاولت بقدر الإمكان أن أكون منصفا ومحايدا وأمينا أمام الله عز وجل، والهدف من كتابة هذه الشهادة هو البحث عن حلول لإنقاذ هذه الفئات، وخلاصة شهادتى التى سوف أسأل عنها أمام الله عز وجل، هى: إن العمالة المصرية أسوأ عمالة فى الدنيا، وكما يقولون فى العامية: اللى أمه داعية عليه يحوجه ربنا للعمالة، واللي ربنا غضبان عليه يدفعه إلى التعامل مع العمال وأصحاب الحرف، هذه العمالة بعد تجربة مريرة غير أمينة، ومبتزة، وتفتقر إلى الحرفية والمهارة، وغير منضبطة.
قبل شهرين ربنا كرمنا بقرشين من البلد، اقترضنا عليها مبلغا من البنك، وقلنا ناخد شقة إيجار قديم، المبلغ بالقروض لا يكفى للحصول على شقة تمليك، دفعنا المبلغ، وهو يوازى قيمة شقة تمليك إلا قليلا، وحصلنا على شقة إيجار قديم مدته 59 سنة، الشقة بعون الله كانت تحتاج إلى شقة، تغيير جمع المرافق والأرضيات وصيانة للنجارة والشبابيك، يعنى من الآخر تغيير الكهرباء، المياه، الأدوات الصحية، النجارة، الأرضيات، وتعديل مسار الغاز، وبالطبع إعادة الحوائط، ويعنى أيضا احتياجك إلى: سباك، كهربائي، نجار، مبيض محارة، عامل كرانيش، شركة الغاز، مبلط، ونقاش، وقبل كل هؤلاء تحتاج لعمال يقومون بتكسير الحوائط والأرضيات، وعمال لتعبئة الحطام وإنزاله إلى الشارع، وإلى سيارة تحمل وتلقى خارج القاهرة.
بسذاجة، اعتقدت أن الموضوع بسيط، وأن الله عز وجل سيجعلنا سببا لاسترزاق بعض العاملين الكادحين الذين يأكلون عيشهم بجهد عضلى، وهى الفئة التى تجوع أسرها فى حالة مرضها أو بطالتها أو عجزها، من الآخر الناس الشقيانة المهمشة، أحضر لى البواب بعض العمال(الفواعلية)، وطلبوا ستة آلاف جنيه مقابل تكسير الحمام والمطبخ وأرضيات الشقة.
ــ كم؟
ــ 6 آلاف جنيه
ــ ليه؟
ــ يا باشا، ده يادوب.
بعد مفاوضات ومداولات ومحايلات اتفقنا على 2500 جنيه بتعبئتها فى أجولة، و900 جنيه مقابل تنزيلها من الطابق الثالث إلى الدور الأرضي، و200 جنيه لسيارة النقل عن كل حمولة للتخلص منها، حمولة السيارة حوالي 30 جوالا، وبحمد الله تم تحميلها على خمس مرات، المفاجأة الطريفة أن العمال يلزمونك طوال أيام العمل بشراء الطعام، والمياه، والشاي والسكر، وبولر لتسخين المياه، وكولمن لحفظ المياه باردة، وعليك أيضا أن تحضر معك ثلجا لتبريد المياه، نفذت مثل التلميذ المطيع، لكن لم يمر اليوم الأول فى التكسير حتى فوجئت بتذمر بين العمال، وحركات إضراب عن العمل ضمنية، وكلمات وجمل طائرة بين العمال، والحدق يفهم، وقبل أن يتطور الوضع ويخرج على السيطرة، وأفاجأ بتوقف العمل، وهتافات ولافتات تندد بى، التفت إلى زعيمهم( صوته عالى وحش جدا):
ــ خير، فيه إيه؟
ــ الحوائط وحشة
ــ يعنى إيه مش فاهم؟
ــ عايزة مجهود كبير فى تكسيرها
ــ ما احنا جبناكم لكى تقوموا بهذا المجهود
ــ لا طبعا، ده عايز عمال زيادة
غدا نستكمل الحكاية.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف