المساء
محمد جبريل
أردوغان وفوبيا التآمر
أخطر المشكلات التي يعانيها المرء عندما تتحول الخلافات بينه وبين الآخرين. إلي فوبيا تلح عليه. وتطارده. يبني عليها الاحتمالات. ويتخذ القرارات التي قد لا تتفق مع بساطة الاختلاف في الرأي.
المتابع لتطورات الأوضاع في تركيا يروعه عشرات الألوف الذين اعتقلهم رئيس الجمهورية أردوغان. قدم الكثيرين منهم للمحاكمة. ويسعي إلي تعديل القانون. فيعيد الحكم بالإعدام الذي ألغته بلاده من قوانينها. اتساقا مع العضوية التي تأملها في اليورو الأوروبي. وضاقت المعتقلات بالآلاف الذين أدانت منظمات حقوق الإنسان الدولية ما عانوه من قسوة نظام أردوغان.
ورغم مضي أشهر علي محاولة الانقلاب الذي نسب إلي اتباع الزعيم الديني عبدالله أوجلان. فإن وكالات الأنباء تضيف كل يوم دفعات جديدة إلي من أودعوا السجون والمعتقلات. أو فصلوا من العمل. بتهمة التعاون مع أوجلان. ومشاركته تدبير الانقلاب الفاشل الذي لم تطلق فيه رصاصة واحدة.
سلم من نسبت إليهم محاولة الانقلاب أسلحتهم. بينما وضحت استعانة أردوغان بجماعات عنف. سبقت في بشاعة تصرفاتها معني القانون والمحاكمات العادلة.
طرف خيط المشكلة في خضوع أردوغان للأحلام التي يستهدف من خلالها إحياء الإمبراطورية العثمانية. وهو ما عبرت عنه أجواء الفخامة والأبهة التي كانت سمة لحكم خلفاء آل عثمان.
يتشابك الخيط في المواقف الشخصية والحزبية التي عبرت عن شخصية أردوغان. وعن نظرته إلي أوضاع بلاده. وعلاقاتها بالدول المجاورة. وبالإقليم. ولا يخلو من دلالة إبعاد واستقالة عدد كبير من أقرب قيادات حزب العدالة والتنمية إلي رئيس الحزب. حتي نجم الدين أربكان أستاذه في التوجه الإسلامي. اختفي - في ظروف قاسية - من الحياة السياسية تماما. قبل أن يرحل عن عالمنا.
حتي الآن. فإن إجراءات الفصل من العمل. والاعتقال. والتقديم للمحاكمة. تلاحق أطياف المجتمع التركي: ساسة ورؤساء أحزاب وأساتذة جامعات ومهنيين ومجالس نقابات ومواطنين أكراد ومواطنين عاديين وغيرهم. سبقهم إلي المعاناة القاسية ألوف أخري من رجال القوات المسلحة التركية. بل إن الفوبيا غير المبررة دفعت أردوغان إلي الإصرار علي المشاركة في تحرير الموصل من إرهابيي داعش. رغم تأكيد معظم المصادر أن التنظيم اختراع غربي. شارك أردوغان في نسجه. وبلغت الفوبيا حد اتهام ألمانيا بأنها تقف وراء محاولات الأكراد من أبناء الشعب التركي ضد الحزب الحاكم.
فوبيا. تذكرني بقصة قصيرة لي عن ملك الغابة الذي واصل قتل كل من تصوره معارضا من شعب الغابة. حتي جاء يوم اكتشف فيه اختفاء الشعب الذي يحكمه!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف