أحمد عبد التواب
البرادعى.. وبدء السياسة على كبر!
من الأقوال اللاذعة عن فئة من المفكرين الثوريين، أو هكذا يحبّون أن ينعتوا أنفسهم، أنهم قد يتفانون بإخلاص طوال عمرهم يحثّون الجماهير على العصيان، ويُحرِّضون على الثورة، فلما تندلع وتعلو هتافاتُها فى الشوارع والميادين، ينزعج هؤلاء ويغلقون نوافذهم لأن هذا الضجيج يزعجهم!
ولعل هذا قريب من حالة الدكتور البرادعى، بفارق أن خدمته فى الثورة كانت لفترة قليلة، بدأها بعد التقاعد من وظيفته الدولية المرموقة، وبعد أن تحصل على كامل مستحقاته المادية وضمن الاستقرار بقية حياته، وكانت أوضاع الثورة قد اختمرت بالفعل فى مصر مع افتقاد موضوعى لشخص الزعيم، والحقيقة التى لا يجب جحد حقه فيها أنه قام بهذا الدور الذى توافق مع ظروفه. وما كان فى هذه الملابسات المفعمة بالحراك الثورى أن تتجلّى أهم أخطاء أن يُناط بمثل البرادعى مهام قيادة ثورة. فالرجل المنضبط عبر تاريخه المهنى، والذى لم يكن له أن يترقى فى عمله ويصل إلى ما وصل إليه فى وظيفته إلا بالالتزام الكامل بالقواعد، صار مسئولاً فى الثورة عن قيادة عمليات كسر قواعد نظام ثار عليه الشعب، فارتبك، كما أنه كان ينفر من المبادرات الثورية من بعض أنصاره لأنها خروج عن الانضباط وفق فهمه الوظيفى، وحتى عندما لم يعجبه الحال وقرر أن يبتعد، سمح لنفسه أن ينفرد بقرار استقالته ويتصرف كمثقف، وهو شئ مُقدَّر لدى المثقفين، ولكنه مأخذ على السياسى المنضوى فى عمل فى إطار جماعى، وأنه كان عليه أن يتشاور مع زملائه أو على الأقل يخطرهم باختياره الجديد، ولكنه وضعهم فى مكانة الرأى العام يعرفون قراراته وأخباره من وسائل الإعلام! فصاروا فى حرج أمام أسئلة الآخرين! وربما كان هذا وراء حدة بعضهم وهم يعترضون على رسالته الأخيرة ويأخذون عليه توقيتها ويُفنّدونها ويُظهرون تناقضاتها ويَرصدون أخطاءه فى سرد الأحداث..إلخ
من الأسئلة المهمة: عن من يعبر البرادعى الآن؟ هل هناك فعلاً من يتلقون منه التعليمات أو الإلهام؟ وهل هؤلاء كتلة مؤثرة أم مجرد آحاد؟.