المساء
محمد جبريل
دعوة إلي الرئيس الأمريكي المنتخب
أكتب هذه الكلمات تزامناً مع الصخب الإعلامي لانتخابات الرئاسة الأمريكية. قبل حسم المعركة لأحد المرشحين. اللذين يختلفان في توجهات كثيرة. لكن اتفاقهما معلن في القضايا العربية.
اتسمت فترة هيلاري كلينتون- كوزيرة للخارجية الأمريكية- بما يصعب إغفاله من مظاهر الانحياز ضد العرب. لا لأنهم يمثلون خطراً علي بلادها. فخطورتهم تتحرك داخل الحدود. بل إن الأرقام الفلكية لودائعهم في البنوك الأمريكية تأكيد لاستراتيجية الصداقة حتي الأخطار الخارجية أتاح لها الواقع العربي اقتحامه من خلال سلبيات كثيرة. ثمة التواكلية. والاعتذارية. والتغني بالماضي العظيم. وغياب فهم اللحظة. وضعف النظرة الي المستقبل. أما ترامب فإن في خطبه الانتخابية ما يوضح موقفه من العرب. والعالم الثالث عموما.
من المستحيل أن ننسب إلي الإسلام الذي رضي به الله ديناً للبشرية. ما تعانيه المنطقة العربية من دوامة القتل والدمار التي لم تكف عن الدوران. منذ تقاسمت الدولتان بريطانيا وفرنسا أجزاء دولة الخلافة. إلي قيام جسد دخيل في قلب الوطن العربي. ثم اشتداد البلاء بهذه التنظيمات الإرهابية.
في بدايات حكم الرئيس الحالي أوباما وعد بالكثير من الإصلاحات في مجال حقوق الإنسان. ونال- لمجرد الوعد- جائزة نوبل للسلام. ورغم أن بلاده تحرص في تقريرها السنوي علي إدانة ممارسات دول العالم في المجال الإنساني. فإن معظم ما وعد به أوباما ظل في إطار الوعود. حتي معسكر جوانتانامو لم يفرج عن بقية معتقليه!
لذلك. فإن توقع وعود من الرئيس الأمريكي المنتخب قد ينطوي علي قدر من السذاجة التي أبريء نفسي منها. لكن ما أرجوه أن يراجع الرئيس قائمة جرائم بلاده في زماننا الحالي- دعك من مذابح الرواد الأمريكان للهنود الحمر!- بداية من تدمير مدينتين يابانيتين في أول استخدام للقنبلة النووية. واستمراراً في تقسم كوريا إلي دولتين. وإسقاط حكومة مصدق لحساب شاه إيران. والتدخل في جواتيمالا ولبنان. ثم شن عمليتها العسكرية الفاشلة ضد الثورة الكوبية في خليج الخنازير. واعتقال الزعيم الإفريقي المناضل لومومبا. وقتله لحساب الاحتكارات الاستعمارية. والتدخل العسكري في لاوس. والتعرض لأقسي هزيمة علي أيدي الفيتناميين. ثم التدخل في الدومينكان وكمبوديا وشيلي ونيكاراجوا والسلفادور وغيرها من دول أمريكا الجنوبية التي كانت واشنطن تعتبرها الحديقة الخلفية لها. وتطول القائمة فتشمل العمليات العسكرية للولايات المتحدة في الخليج. وفي السودان والعراق وبلاد أخري. نقل الإعلام أحداثها. وسكت عن أحداث أخري.
لا أطالب الرئيس الأمريكي المنتخب أن يعيد النظر في سياسات بلاده. فالحلقات متصلة. بل أطالبه أن يراجع السجل الحافل بالجرائم. ويحاول بالتالي أن يتعرف إلي الصورة الحقيقية لبلاده في أعين العالم. في أعين الشعوب علي وجه التحديد. ليبدأ وضع منهجه السياسي من خلال نظرة شاملة واستيعابية لأحوال العالم الذي قد تكون بلاده فيه قوة عظمي. لكنها كذلك واحدة من دوله!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف