انشغلنا بمتابعة الانتخابات الأمريكية وكأننا نترقب من يحكم مصر، ترامب أم هيلارى، وأمعنا النظر كثيرا فى شكل مصر بعد فوز أحدهما، فمنذ عقود طويلة ومصر والبلدان العربية تعد إحدى الولايات في الولايات المتحدة الأمريكية، يقدمون لنا المعونة والسلاح ويقررون لنا كيف نتعامل في بعض أو معظم القضايا، صحيح كنا نرفع فى بعض الحالات شعارات جوفاء بعدم تبعية الإرادة المصرية، وشعارات بأننا يمكن الاستغناء عن المساعدات المالية، حتى أن وزيرة التعاون الدولي قبل الثورة صرحت بهذا لوسائل الإعلام، وأذكر أنهم رددوا بأنها قالت هذا للسفيرة الأمريكية.
بعد الثورة رددنا كلمات: عدم التبعية، واستقلال القرار المصري، وعدم تلقى تعليمات، فى المقابل نصرح: بعمق العلاقات بين البلدين، واستمرار التنسيق الاستراتيجي، والتوازن فى العلاقات بين البلدان الكبرى.
أمريكا دولة عظمى، والعظمة(لله وحده) هنا فى الاقتصاد، والسلاح، والتكنولوجيا، وتعداد الجيش، وفى إنتاج العلم، والواقع يؤكد أن الإدارة الأمريكية تفرض سيطرتها منذ سنوات على بلدان كثيرة، منها الغنية، ومنها الفقيرة، ومنها الكبرى، ومعها الصغرى، والكثير من البلدان التي كانت تحتل مكانة الدول العظمى تتبع سياسيا السياسة الأمريكية.
بعد فوز ترامب بمنصب الرئاسة المفترض أن نفتح ملف العلاقات المصرية الأمريكية، لا يجب أن نضع رؤوسنا في الرمال، وعلينا أن نضع كلا منا فى حجمه الطبيعي، مصر دولة صغيرة، وفقيرة، وغير منتجة، وتعيش على ما تنتجه أمريكا وأوروبا من سلاح، ومعدات، وتكنولوجيا، وثقافة، وملابس وأطعمة، حتى أغلب المحاصيل الزراعية نستوردها.
وقد تعلمنا زمان أن من لا يملك قوته لا يملك قراره، ومصر بسبب الفساد والديكتاتورية والدولة البوليسية العسكرية دخلت الحظيرة الأمريكية، وسلمت بقدر إرادتها وقرارها لكى تحصل على المعونة المادية والعسكرية واستقرار الحاكم فى كرسيه، وللأمانة سنظل داخل هذه الحظيرة لسنوات قادمة، ومن الصعب الخروج منها لعوامل عدة، منها أننا لا ننتج طعامنا، ولا ننتج سلاحنا، ولا ننتج أدواتنا ومعداتنا، حتى العلم نستورده من أمريكا والدول الأوروبية، وعدم الخروج من الحظيرة لا يتوقف عند هذا الحد، بل إن الظروف التى تحيط بالبلدان المجاورة تؤثر كثيرا، كما أنها تعرقل خروجنا من الحظيرة الأمريكية، تبعية البلاد العربية، وانتشار القواعد والقوات الأمريكية فى هذه البلدان بالطبع يصعب عملية خروجنا.
ــ والحل؟.
من الصعب وضع تصور لخروجنا من الحظيرة الأمريكية، وأظن إننا بداية، قبل محاولة كسر باب الحظيرة والخروج عنوة وهدم المعبد فوق رؤوسنا، علينا أن نحاول إنتاج ما نحتاجه من طعام وسلاح ومعدات وتكنولوجيا وعلم، المفترض أن نوفر أغلب أو معظم احتياجاتنا، نبنى المصانع ونستصلح الأراضي، ونهتم بالتعليم واكتساب وإنتاج المعرفة.
خلال عملية البناء (لا أقصد العاصمة الإدارية ومساكن الحكومة) علينا أن ننوع مصادر توفير احتياجاتنا، وأن نتوازن بالقدر المتاح لنا في قرارنا.