المساء
نبيل فكرى
مساء الأمل .. ذرة الشيحي.. وجامعة عبيد
ما أهون مصر علي أبنائها.. ما أغلي المناصب وما أرخص المهام.. ما أجمل الكرسي وما أبشع العمل.. ما أحلي الأبهة وما أقسي الإدارة.. مللت من الكتابة ومن القراءة وأكاد أملّى من الأمل. فلا أدري كيف تسير الأمور. ولا ما هو منطق الأشياء في زمن تبدل فيه المنطق. وربما لم أعد أدري هل ما زال الخير خيرا والشر شرا علي حالهما. أم أن واقعا جديدًا احتل الأشياء والقيم والمفردات. وتسلل في مفاصلنا.. هل مازال الكلام مجديا أم أن الصمت أفضل.. وهل الكلام هو المراء الذي نهي عنه نبينا المصطفي ووعد تاركه بالجنة. أم أن الصمت لمن يملك القلم خيانة وجبنا وطبلا وزمرا.
للأسبوع الثالث علي التوالي. أكتب عن أزمة جامعة دمنهور. واللائحة الجديدة التي طبقوها بكلية الآداب وافتتحوا علي اثرها أقساما جديدة. دخلها طلاب جدد. والآن يفكرون في إلغائها كما أغلقوا من قبل كلية طب الأسنان بعد عام ونصف من افتتاحها.. ثلاثة أسابيع نحن نكتب. وهم يجتمعون. ومكاتبات هنا وهناك. ولجان. ومجالس كليات. ومجالس جامعات. ولجان للجودة وأخري لغير الجودة. ومراسيل من البحيرة للقاهرة والعكس. ورغم ذلك لم يصدر قرار حتي الآن. ومازال الدكتور أشرف الشيحي وزير التعليم العالي يسأل ويمحص. وكأنه يخصب اليورانيوم أو يشطر الذرة نصفين. بالرغم من أن عنده كل الأوراق والمستندات التي تقول إن اللائحة الجديدة تمت بعلم ومباركة وحضور وشهادة ومبايعة الدكتور عبيد صالح رئيس الجامعة. وتقول أيضا ان ستة من بين 150 أعضاء بهيئة التدريس بكلية الآداب هم من يعطلون اللائحة الجديدة ويستميتون من أجل ألا تصبح واقعا.
الغريب أن الدكتور أشرف الشيحي أرسل إلي الجامعة يطلب ردا من رئيسها الدكتور عبيد علي ما كتبته علي مدار أسبوعين. وكأن كتابتي أصبحت هي القضية والمعضلة. والأغرب والمدهش والعجيب أن الدكتور عبيد صالح رئيس الجامعة طلب من الدكتور محمد رفعت الامام عميد كلية الآداب ان يكتب هو الرد علي ما كتبت.. هل رأيتم شيئا يفوق ذلك دهشة.. رئيس الجامعة يطلب من خصمه في هذه القضية بالذات. أن يرد علي من يناصر العميد واللائحة الجديدة التي باتت واقعا وطلابا ومناهج وأياما مضت من العام الدراسي.
منذ أن عرفت بأمر اللائحة والاقسام الجديدة. كان رأيي أن البلد ليس في حاجة لأقسام يجلس خريجوها علي المقاهي. كالاقتصاد والعلوم السياسية والآثار. ورد عليّ أنصار هذا الاتجاه بأن الهدف أن تكتفي الجامعة علي مدار السنوات المقبلة بتخصصاتها وأن يجد أهل البحيرة فيها ملاذا لأحلامهم أيا كانت. واقتنعت بهذا الرأي. لكن الأهم بالنسبة لي كان أن اللائحة أنجزت ووافق عليها مجلس الجامعة والمجلس الأعلي للجامعات.. إذن هي أصبحت واقعا.. إذن من حق الطلاب الجدد اليوم ألا ننغص عليهم. وألا يضربوا أخماسا في أسداس.. من حقهم أن يخرج عليهم الوزير ويقول لهم "آسفين".. أقسامكم كما هي. وبعدها يحاسب من يحاسب ويجازي من يجازي.
أسكن مقابل جامعة دمنهور. وأتابع اجتماعات رئيسها الدكتور عبيد صالح فيها. وبعضها يكون قبل الفجر وبعد منتصف الليل. ولا أدري السر في ذلك. لكن لا بأس فهو أدري بالجامعة وبالوقت. ويحسب له انه يعمل أحيانا 24 ساعة لكن الواقع في جامعة دمنهور يقول ان معظم ذلك "ضجيج بلا طحين" ورغم أن الناس يمرون صباحا ومساء عليها. إلا أنهم لا يعلمون ما هذا المبني ولا ماذا يفعل. وربما لم يسمعوا عنها إلا يوم استقبل رئيسها صاحبة "السيرك" الملاصق لمبني الجامعة. والتي ذهبت بصحبة أسد.. نعم دخلت مبني الجامعة ومعها أسد. وجلست مع رئيس الجامعة و"تصوروا مع الأسد" ودعته لافتتاح السيرك. وخرجت والناس تضرب كفاً بكف.
كنت أتصور بعد كل ما كتبنا وما كتب الناس علي مواقع التواصل الاجتماعي. أن يستجيب رئيس الجامعة لصوت المنطق. ويمضي اللائحة الجديدة وان يستصدر قرارا من وزير التعليم العالي يضع الأمور في نصابها الصحيح. ولكن شيئا من ذلك لم يحدث. الأمر الذي زادت معه الأقاويل في الشارع البحراوي وأبرزها أن الدكتور محمد رفعت الإمام عميد الآداب يدفع ثمن كشفه لجرائم الأتراك ضد الأرمن والجديد هذا الأسبوع أن هناك من فتح ملف كلية الآداب قبل الإمام وما يحدث فيها. وحكاية الدكتوراه التي حصل عليها باحث قطري خلال عدة شهور. واعتذار المشرف علي الرسالة وتحويلها لآخر وكيف تم انجاز الأمر ليلا أو نهارا.. ويتحدثون عن المطبعة. ويتحدثون عن الانفلات داخل الجامعة. وعن الشللية وعن تحويل طالب من جامعة خاصة وهل يخضع ذلك للضوابط أم لا.. ويتحدثون عن كثير وتبقي كلها تساؤلات تبحث عن إجابات.. أرأيتم ماذا تفعل إطالة أمد الأمور؟.. تبقي الملفات مفتوحة والعيون جاحظة تفتح الباب للقيل والقال. والمفروض ان الجامعة محراب العلم أبعد مكان عن القيل والقال.
** ما قبل الصباح
ـ تأجيل المظالم.. أيام حزن طويلة وجدل لا ندري مداه.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف