المساء
محمد جبريل
ع البحري .. الشرق الأوسط.. الجديد!
الشرق أوسطية.. تعبير ظهر في حياتنا منذ أعوام قليلة. لكنه ـ بإصرار الإعلام الغربي ولامبالاتنا ـ أصبح متداولاً. فلا تستوقفنا خطورته.
إسرائيل هي صاحبة التعبير. حتي لا تظل جسماً غريباً في المنطقة العربية. ولغياب الفعل العربي. أو رد الفعل العربي. فقد تسللت إلي حياتنا تعبيرات أخري تدور حول نفس المعني. لعل أخطرها ثقافة حوض البحر المتوسط.. فهي تجعل من الدول التي تطل علي البحر المتوسط إقليماً يضم إسرائيل. ويفرض عزلة بين دول البحر المتوسط العربية وغيرها من دول المنطقة العربية.
تغيظني اللامبالاة التي نواجه بها ـ أفراداً وحكومات ـ هذه المحاولات المتسللة للسطو علي حضارتنا العربية. المنطقة التي زرع فيها الاستعمار دولة إسرائيل اسمها المنطقة العربية. واسمها المشرق العربي. وهي بعض أقاليم الوطن العربي. وإذا كنا قد قبلنا بتسمية الشرق الأوسط لأن تركيا وإيران تنتميان إلي المنطقة. فإن كل الخطر ـ مثلاً ـ في قبول تسمية ثقافة البحر المتوسط. لأنها تستهدف الثقافة التي تعني الحضارة والتاريخ والفكر والإبداع.
لقد استنمنا إلي الرأي بأن العالم لا يعرف إلا منطق القوة. وحسبنا أنفسنا من غير الأقوياء. مع أننا نملك قوي بشرية واقتصادية. لو أننا أحسنا استغلالها لتغيرت أوضاع كثيرة.. فهل نستنيم كذلك إلي محاولات طمس الزمان العربي والمكان العربي. وجعل ثقافتنا العربية تابعة لثقافة بلا جذور؟!
الدعوة إلي الشرق أوسطية. بل الدعوة إلي الكوكبية. والعالمية. وغيرها من المسميات التي تطالعنا هذه الأيام. وتتحدث عن العالم باعتباره قرية واحدة. إنما هي محاولات لتقويض الخصوصية والهوية. فالصلة تغيب بين الحاضر وبين الماضي والتراث. وصورة المستقبل تبدو ضبابية. بل غائبة كذلك.
إن الشرق أوسطية هي البديل لتسميات القومية العربية. والمنطقة العربية. والشرق العربي. والعمل العربي المشترك. والتضامن العربي. إلخ..
تتعدد أهداف الساعين إلي إقامة الشرق الأوسط الكبير. تركيا أردوغان تحاول استعادة زمن الخلافة المندثرة. وملالي إيران يحلمون بالامبراطورية الفارسية. والدول الكبري يشغلها بعث فكرة حلف بغداد التي قضي عليها جمال عبدالناصر. وإسرائيل تحاول تجزئة الوطن العربي إلي دويلات. فتصبح الدولة العبرية واحدة من نسق مماثل. وإن تمتعت ـ فضلاً عن مساندة الغرب ـ بالقدرات والطاقات التي تتيح لها المكانة الأقوي.
الشرق أوسطية تقوم علي أسلوب الفرض الذي يؤكد الهوية. ويلغي هويات الآخرين.
قدر مصر ـ لعوامل تاريخية وجغرافية ـ أن تكون زعيمة الوطن العربي. لكنها ليست من السذاجة بحيث تحاول فرض نفسها زعيمة للشرق الأوسط. ذلك حلم دول في الإقليم تحاول التمويه. فتنسبه إلي مصر.
نحن يجب أن نرفض المسميات المستحدثة. التي يريدون أن يفرضوها علي منطقتنا العربية. والرهانات متعددة. المهم أن نحسن إعدادها وتوظيفها. ومنها ـ علي سبيل المثال ـ تنامي القوة العربية. تأثير التبدلات العالمية علي القوة الأمريكية. بحيث يخفف من انحيازه ـ في الأصل ـ للكيان الصهيوني. وممارسة ضغوط اقتصادية علي دول الغرب بما يدفعها إلي مراجعة سياساتها في المنطقة. وملامسة التقدم بصورة حقيقية. والسعي الدائب لكسب الرأي العام العالمي.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف