الجمهورية
بسيونى الحلوانى
لاتعلقوا امالا عريضة علي ترامب
حسابات خاطئة جعلت العرب وخاصة المصريين يعتقدون أن الرئيس القادم لأمريكا هي هيلاري كلينتون وأن دونالد ترامب مجرد كومبارس لا يختلف كثيراً عن حمدين صباحي ودوره في الانتخابات الرئاسية المصرية.. فصدمهم ترامب بعنف وفاز باكتساح وحقق المفاجأة الكبري لأصحاب الحسابات الخاطئة الذين تجاهلوا رغبة الشعب الأمريكي في التغيير.
وحسابات خاطئة أيضاً تجعل العرب يخشون الثور الهائج القادم إلي البيت الأبيض الذي سبق وهدد بطرد المسلمين من أمريكا ويتوقعون دخول الإدارة الأمريكية الجديدة في مواجهات وصدامات مع المسلمين علي غرار تلك التي قادها الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن الذي ارتكب كثيراً من الحماقات السياسية في العراق وأفغانستان وغيرهما من البلاد الإسلامية.
كما يظن العرب والمسلمون ومعهم الإسرائيليون بالتأكيد أن ترامب سوف يفي بوعده وينقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلي القدس ليكتب شهادة وفاة المدينة عربياً وإسلامياً.
هذه الحسابات الخاطئة تقف دائماً عند التصريحات الإعلامية التي صاحبت الحملة الدعائية للرئيس الأمريكي الجديد ويتناسي أصحاب تلك الحسابات أو التكهنات أن رئيس أمريكا أياً كان شخصه ووزنه السياسي وقدراته وخبراته في الإدارة السياسية لا يحكم وحده فهو مجرد حلقة في ترس الإدارة التي تنفذ سياسات وأهداف عليا تحددها في الغالب دوائر وأجهزة استخبارات وليس رجال سياسة يجلسون في غرف أنيقة بالبيت الأبيض أو الخارجية الأمريكية أو حتي مجلسي الشيوخ والنواب.. فكل المسئولين الأمريكيين ينفذون ما توصي به أجهزة المخابرات الأمريكية وما يتم طبخه داخل أروقتها.
لذلك لا ينبغي أن نبالغ في التخوف من الرئيس الأمريكي الجديد الذي نجح بتصريحاته الاستفزازية خلال حملته الانتخابية أن يجذب أصوات شريحة كبيرة من الشباب المتعصب أو المتطرف أو الذي يعتقد أن أمريكا دولة فوق القانون وأن أهلها شعب غير شعوب الأرض فوجد هذا الشباب المتعطش للسيادة في تصريحات ترامب الاستعلائية والعنصرية وفي تهديداته ضالته فكان الانحياز له ودعمه في الانتخابات ليلحق هزيمة قاسية بمرشحة اعتبرت نفسها الرئيس القادم للأمريكان بمجرد الإعلان عن اسم منافسها في الانتخابات.
فترامب لن يطرد المسلمين من أمريكا ولن يدخل في عداء صارخ مع العرب والمسلمين وينقل سفارة بلاده إلي القدس وسوف يسعي جاهداً لترميم علاقات بلاده مع الدول العربية بعد أن أفسدها أوباما ومعه الشيطانة هيلاري كلينتون.
أيضاً لا ينبغي للعرب أن يعلقوا آمالاً عريضة علي ترامب. فهو لا يستطيع أن يغير سياسة أمريكا ويجعلها أكثر موضوعية خاصة في ملف الصراع العربي الإسرائيلي فأمريكا علي طول الخط تدعم إسرائيل سياسياً واقتصادياً وعسكرياً وملتزمة بتفوقها العسكري علي كل الدول العربية والفيتو الأمريكي جاهز في كل الأوقات لدعم العدوان الإسرائيلي ومساندة سياسات الدولة الشيطانية مهما كانت ظالمة ومعتدية ومتحدية لكل القوانين والأعراف الدولية.
****
لقد رحبنا نحن العرب والمسلمين كثيراً بالرئيس الأمريكي الحالي "أوباما" خاصة أنه جاء بعد رئيس أرعن هو جورج بوش الابن. واعتبر بعض السياسيين السذج أن أوباما هو مبعوث العناية الإلهية لإصلاح سياسة أمريكا وجعلها عادلة ومتوازنة وقضي أوباما ثماني سنوات رئيساً لأكثر دولة في العالم ولم نر منه قراراً منصفاً للعرب والمسلمين.. كما لم نشعر يوماً أن لديه مجرد النية والعزم علي أن تكون بلاده عادلة ومنصفة ومتوازنة.. بل الأكثر بشاعة أن أمريكا في عصره قد ساندت كل القوي المتطرفة التي كانت سبباً في خراب العالم العربي تحت شعارات كاذبة وكانت أمريكا هي الداعم الأكبر لتنظيم داعش الإرهابي الذي شوه صورة الإسلام في العالمين وقتل من المسلمين والمسيحيين الغربيين الآلاف في مشاهد يندي لها جبين الإنسانية.
أمريكا في عهد بوش هي التي لعبت دوراً كبيراً في دعم جماعات الفوضي في كل البلاد العربية وهي صاحبة شعار "الفوضي الخلاقة" وهي التي ستسعي في المستقبل لتنفيذ المزيد من المخططات والمؤامرات الهادفة إلي تخريب المزيد من البلاد العربية واستنزاف ما تبقي من خيراتها.
****
لذلك لا ينبغي أن نعلق آمالاً علي ترامب في تغيير سياسة ومواقف أمريكا وسوف تظل هذه الدولة متآمرة مستغلة داعمة للعدوان معادية لحقوق العرب والمسلمين سواء حكمها ترامب أو هيلاري أو أوباما.. فالرئيس الأمريكي في إدارة شئون بلاده أضعف وأقل صلاحيات من رئيس مدينة دكرنس!!
من هنا ينبغي أن يكون للعرب موقف وسياسة واضحة تجاه انحياز أمريكا الصارخ ودعمها لسياسات ومواقف إسرائيل العدوانية.. ينبغي أن يكون لنا نحن العرب والمسلمين مواقف جماعية رافضة للظلم والعدوان والتحيز الأمريكي.
ليس لأمريكا ولاية علي أمورنا وشئوننا السياسية ولا ينبغي أن تظل بعض الدول العربية تابعة لأمريكا وتسير في فلك سياساتها ومواقفها وتهور ترامب أو "غشمه" لا ينبغي أن يخيفنا علي الإطلاق.
نحن قادرون علي الاستقلال والتحدي.. أمريكا لم تعد تخيف أحداً.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف