بوابة الشروق
جمال قطب
الإسلام كما أدين به
قلنا إن «المال» كل المال هو الشقيق الأكبر لابن آدم، لأن الأموال كلها قد خلقها الله وأوجدها من العدم قبل خلق آدم. وقد خلق الله الأموال قبل خلق البشر الذين يستخدمون المال ليعلم البشر جميعا كيف يعملون فى هذه الدنيا فلابد من تدبير المطلوبات قبل حلول وقت طلبها. وهكذا خلق الله جميع المواد الخام اللازمة لجميع بنى آدم حتى آخر لحظة فى الدنيا، فجميع أصول الأرزاق مخلوقة وموجودة وتكاد تكون معروفة إلا للكسالى.

ويأتى دور الإنسان وهو دور محدود ليس ثقيلا، ولكنه دور يحتاج إلى نظر قبل العمل، وإلى عقل قبل القوة، وإلى إحاطة وتعلم قبل الإقدام على العمل.

ــ1ــ
كارثة الكوارث أن الإنسان المسلم ــ رغم الحضارة العالمية التى تحيطه ــ فإنه مازال لا يعرف ماذا يعمل! 
فلو عرف المسلم ماذا يعمل لعرف ماذا يدرس؟ وكيف يوظف الدرس والعلم فيما يستطيع عمله وإنجازه.. ولو لاحظ المسلم أن لفظى (علم/ عمل) شقيقان لأدرك أنه لابد وأن يتعلم ما سوف يعمله، وهنا تتميز الحضارات، وتتنافس الحكومات، ويتسابق الأفراد.. ماذا نتعلم كى نقدر على العمل المنتج النافع المشبع؟ ماذا نتعلم وأمامنا آلاف المدارس الأجنبية والوطنية؟ ماذا نتعلم وحولنا نوافذ إعلامية لا تعرف معنى العلم ولا طريقه؟ ماذا نتعلم والحكومات غارقة فى النقل والتقليد والجرى وراء أوهام ثبت زيفها وتبين إفلاسها بعد أن أخرجت أجيالا لا تجد عملا كما أن ضرورات المجتمع لا تجد من يعمل فيها.. فهذا هو العجب العجاب (أن تتوافر المواد الخام وتكثر) وتتوافر أعداد البشر وتزداد.. ويعيش هؤلاء عيشة الفقر، وتبقى الخامات إما مهملة ومتروكة وإما تستخدم فى أدنى جدوى لها فيكثر الفاقد، وإما منهوبة ومحروقة.

ــ2ــ
إذا أردنا أموال تسدد الديون وتعمر البلاد وتكفى العباد، فعلينا أن ننظر فى ركنى صناعة المال وهما (المواد الخام/ العمل).. ننظر نظرة اهتمام ورغبة فى الخروج مما نحن فيه. علينا أن نحترم عطاء الله لنا، فما أعطاه لنا من خيرات تعامينا عنها واتجهت أنظارنا إلى خارج الحدود دون مبرر. ونبدأ برمجة التعليم طبقا لعاملين أساسيين: 1ــ الموارد المتاحة وهى مواد كثيرة وضخمة ولكن الجهل يجعلنا لا نراها 2ــ البشر وماذا يتعلمون؟

ــ3ــ
منذ أكثر من قرن والتعليم فى أمتنا وفى مصرنا لا يمت للواقع بصلة ولا يصلح للإعمار والإنتاج. وقد توافق عجز الحكومات مع جهل الإعلام مع عشوائية الرغبات.. تعاون كل ذلك على تخريج أجيال لا تشبع نفسها، ولا تعمر بلدها، ولا تسعد بحياتها. فنحن نعلم الأجيال للبحث عن وظيفة! فى الوقت الذى لا يتعلم أحد كيف تنشأ الوظائف والمؤسسات، ولا يتعلم أحد كيف يتعامل كنوز وخبرات تحت قدميه أبسطها وأبرزها (قشرة تربة الأرض) التى تصلح فى جميع الأحوال للزراعة والرعى اللازمين للطعام والكساء والعلاج.
كما أن الناس يعبثون بأمتنا، فهم يتعلمون (حسب الرغبة!) إما رغبة الآباء وإما الأبناء وإما ظروف التنسيق! وكل ذلك عبث وضياع. والواجب أن يتعلم الفرد أن يتخصص فيما يحقق فيه «الامتياز».. وفى أقرب الموارد المتاحة له دون عنت ومشقة.

ــ4ــ
لماذا لا تكون الزراعة حرفة 40 % من سكان بلد كمصر؟ هل الزراعة عيب؟ هل هى غير ضرورية؟ لماذا لا يعمل 20 % من سكان مصر بحرفة الصيد البحرى؟ أليس لدينا شواطئ؟ أليس لدينا إرادة أن نشبع ونهدأ ونتفرغ لإعمار البلاد وإقرار السلام والمشاركة فى سلام عالمى.
إن صناعة الأموال سهلة إذا صنعنا الإنسان المحترف المتقن وليس الموظف الذى تراه إما هزيلا بائسا وإما مغرورا غافلا، والله من وراء القصد.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف