المصريون
رضا محمد طه
شِبْه مدرسة
إستيقظ الأب في موعده المعتاد، إندهش عندما رأي إبنته لم تذهب إلي مدرستها وهي في الصف الأول الثانوي وكان يوم دراسة عاديُ، فسألها عن سبب تغيبها-وهي التي تحرص علي الحضور، فأجابته بأن عليها حصة درس خصوصي الساعة العاشرة صباحاً، تعجب الأب موجهاً الكلام لإبنته وسائلاً إياها: هل المدرس الذي سوف تذهبون إليه علي المعاش؟ أجابته بأنه شاباً ويعمل معلماً بإحدي المدراس الثانوية في بلد مجاور وأنها هي وزميلاتها سوف يذهبون إليه كي يعطيهم الحصة بالمدرسة التي يعمل بها-الساعة العاشرة صباحاً-حيث أنه يعطي مجموعات آخري بالمراحل الثانوية المختلفة مواعيد بالمدرسة وأثناء فترة العمل في اليوم الدراسي، تلك المجموعات لم يجد لها مخرج آخر سوي أثناء عمله حيث وقته كله محجوز لآخرين أمثالهم. تساءل الأب في نفسه عن غياب إدارة المدرسة التي يذهب إليها التلاميذ القادمين من مدارس أخري، وسهولة دخولهم تلك المدرسة وكل مجموعة لا يقل عددها عن عشرة طلبة دون أن يلتفت إلي ذلك الأمر من أول العمال وحتي المديرالمشتركين جميعاً في الطرمخة علي الفساد كما لو أنهم في شِبْه مدرسة، ثم كيف يسمح لنفسه ذلك المعلم-القارح-أن يستغل مكان عمله في وقت عمله كي يعطي دروساً خصوصية لحسابه؟ وأي جرأة أتاحت له فعل ذلك في وضح النهار في مدارس الوزارة والتي لا يمل مسئوليها من تكرار وترديد الكلام من خلال الصحف والفضائيات أنهم يحاربون الدروس الخصوصية وأن الحملات مستمرة للقبض علي المدرسين بمراكز الدروس-السناتر-وفي المنازل، فكيف أصدقهم والدروس تُعطي في عقر دارهم وخلال أوقات العمل الرسمية، وأوجه لهم النصح أن تغير الحملات وجهتها الي المدارس الحكومية لتبحث عن الفاعل. سأل الأب نفسه سؤال وهو في حيرة قائلاً: ما الذي حدث بمجتمعنا كي تتغير القيم والمبادئ وأي مناخ هيأ لهؤلاء أن يفعلوا ذلك دون خوف من عقاب أو خجل من فعل الخطأ؟ ثم أليس هذا هو الفساد بعينه؟ وتذكر سؤال وجهه احد المفكرين لمثل هؤلاء المسئولين عن هذا الفساد بداية من المعلم وحتي الفراش قائلاً: هل نحن نكره الفساد فعلاً ونلعنه حقاً.....أم نحن الذين ننتظر-فقط-أن تواتينا الريح لنأكل من ثماره....ثم لِنُنَظِر لضرورته؟، وأضيف أن الضرورة من وجهة نظر المعلم أنه مضطر لمصلحة التلاميذ لذا فالتبريرات الخاطئة والمضللة تتري وتكثر في مثل تلك المواقف، ولا أستبعد أن يكون مدير المرسة علي علم بذلك وإذا سألته سوف يجيبك بما هو شر من الصمت مٌلبساً الحق بالباطل. لا أدري من قائل مقولة "إستمرار الفساد من أجل مصلحة العباد"؟.

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف