العنوان مبتذل. وإن شئت الدقة فهو عنوان تافه لا يكتبه سوي التافهين الذين لا يكفون عن التطبيل للحكومة. أي حكومة. أما إذا شلت أياديهم فلديهم وسائل أخري ومنها هز الوسط أو بمعني أدق المؤخرات.
موتوا بغيظكم هذه هي شعار حكومتنا الرشيدة الحالية الذي ترفعه لكل وطني شريف يكشف فساداً بالوثائق والمستندات. فبدلاً من أن تلتقط الحكومة وأجهزتها الخيط وتبدأ في المحاسبة فإنهاوعلي العكس من ذلك.. ربما قامت بترقية الفاسد أو منحه مكافأة. أو علي الأقل شدت علي يديه وقالت له استمر يا بطل نحن معك.
وأنت إذا بحثت في كل "أدبيات الفساد" فلن تجد مثيلاً لما يحدث في مصر. وهذا ليس غريباً علي بلد الاختراعات والعجائب.
أحكي لك قصة طريفة ستجعلك تموت بغيظك فعلاً. فقد نشر زميلنا أحمد عمر نائب رئيس التحرير والمشرف علي قسم التعليم في "المساء" ملفاً عن وقائع فساد في هيئة الأبنية التعليمية. ورغم أن من حق السيد اللواء رئيس الهيئة إرسال رد للجريدة ينفي فيه صحة الاتهامات الموجهة إليه لتقوم الجريدة بنشره مجاناً. تحدي الرجل كل القوانين المعمول بها في هذا الشأن وقام بنشر إعلان مدفوع الأجر في صحيفة أخري وإمعاناً في التحدي نشره علي صفحتين.. وتسأل من سيدفع قيمة هذا الإعلان هل سيدفعه الأخ اللواء من جيبه. أم ستتحمل هيئته تكاليفه كاملة مكملة؟!
تربطني بالزميل أحمد عمر صداقة تمتد إلي عشرين عاماً علي الأقل. وأشهد بأنه من أنزه الصحفيين الذين عرفتهم. لم أعرفه مبتزاً أو بتاع مصالح أو أي شيء من هذا القبيل. الذي أعرفه أنه رجل مهني جاد ومحترم والأهم ولتعذرني في التعبير أنه "شبعان من بيت أبوه".
سأنسي كل ذلك أو سأعتبر نفسي كنت مخدوعاً في هذا الزميل والصديق. وسوف افترض أنه رجل مغرض وبينه وبين الأخ اللواء منافسة مثلاً علي رئاسة الهيئة مع إن مكانته كصحفي أكبر من رئيس هيئة أو حتي وزير.. سأفترض كل ذلك. فلماذا لم يرسل رئيس الهيئة رداً إلي الجريدة لتنشره مجاناً وفضل أن يكون الرد في صيغة إعلان مدفوع الأجر علي حساب هيئته التي يبدو أنه ورثها عن العائلة؟
السبب بسيط جداً وهو أن الرجل يدرك تماماً أن أحداً لن يحاسبه. لذلك يفعل ما بدا له. ويبعزق أموال الدولة علي إعلانات لمنجهة سعادته وتبرئة ساحته حتي ولو بالباطل.
نموذج اللواء رئيس الهيئة ليس شاذاً بل هو النموذج المعتمد في مصر الآن.. يطلبون من الناس أن يتحملوا موجة الغلاء الطاحنة.. بل إن بعض فقهاء السلطة يطالبونهم بأكل أوراق الشجر.. بينما السيد اللواء وغيره من المسئولين يتعاملون مع مؤسساتهم باعتبارها ملكية خاصة آلت إليهم بحكم الوراثة.. الناس مستعدة فعلاً لأكل أوراق الشجر لكن فليأكل المسئولون معهم. وعلي الأقل يضعوا في أعينهم ذرة ملح ويتوقفوا فوراً عن أكل الجاتوه.. استحوا يرحمكم الله.. إحنا اتخنقنا!!