مدبولي عثمان
ثقوب في الديمقراطية الأمريكية..!!
تعجب كثيرون من فوز ترامب بالرئاسة الامريكية علي غير مجريات الاحداث والتوقعات واستطلاعات الرأي والتي كانت تشير إلي فوز هيلاري كلينتون لتكون اول امرأة تحكم أمريكا وتعيد زوجها إلي البيت الابيض مرة اخري محققة وضعاً غير مسبوق في التاريخ الامريكي.
وبقراءة دقيقة ومتأنية للتاريخ الأمريكي القديم والحديث يتضح أن ظاهرة ترامب تكشف عن عورات وثقوب كبيرة في الديمقراطية الامريكية التي تسعي لتصديرها إلي العالم عامة وإلي العالم العربي بشكل خاص كنموذج حياة.
وذكرت دراسة للكاتب الفلسطيني الدكتور أنس جراب أن الديمقراطية الأمريكية التي أوصلت ترامب للسلطة كشفت عن حقيقة في بالغ الأهمية. وهي أن الوصول للسلطة يحتاج إلي أموال كثيرة. تسخر بها وسائل الإعلام المختلفة. وتروج لأفكارك - حتي لو كانت خاطئة- للتأثير علي الناخبين وتقنعهم بك. وتبني عليه فرص الترشح والفوز بالمناصب. وما يؤكد هذا. أن أمريكا والتي تعتبر رائدة علي مستوي العالم في العلم والبحث والمعرفة. وجامعاتها تتربع علي المراكز العشرة الأولي علي مستوي العالم. ومع ذلك لم تقدم ديمقراطيتها إلا واحداً من أسوأ شخصياتها كممثل لها!
والوقائع التاريخية تؤكد ان السباق الانتخابي الذي يستمر قرابة العام ينشغل خلاله الامريكيون وملايين الأشخاص خارج أمريكا بالجولات الانتخابية والمناظرات التليفزيونية واستطلاعات الرأي. ما هو الا مسرحية تديرها قوي أخري من خلف الستار هي التي تحدد من البداية شخصية الرئيس وربما قبل سنوات من ترشيحه.
تحدث عن ذلك صراحة كتاب الحكم بالسر: من يحكم أمريكا والعالم سراً؟ للكاتب الأمريكي المشهور جيم مارس. كاتب صحيفة نيويورك تايمز. وكشف عن أصحاب الأمر الحقيقيين ومُحرِكي الأحداث في العالم ¢وأنهم هم الذين يتمكَّنون من التسبب باندلاع الحروب وإيقافها. كما يتحكَمون بأسواق الأسهم الماليَّة ونسَب الفوائد علي العملات. كما يحافظون علي تفوقهم الفئويِ. حتي إنهم يسيطرون علي الأخبار اليوميَة. وهُم يقومون بذلك كُلِّه تحت رعاية وأنظار مجلس العلاقات الخارجيَّة الأمريكيِّ والهيئة الثُّلاثيَّة.
بدأ مجلس العلاقات الخارجية نشاطه بفعالية عقب الانتهاء من الحرب العالمية الأولي. في نيويورك عام 1917م حيث اجتمع إدوارد ماندل كبير مستشاري الرئيس الأمريكي ويلسون ومعه حوالي مائة من رجال السياسة والاقتصاد البارزين لمناقشة أحوال العالم بعد الحرب.
وجاء في كتاب جيم مارس أن من أهم أعمال المجلس اختيار رئيس الولايات المتحدة واحتكار سوق النفط والمال وذلك بغرض تحقيق الهدف الأسمي وهو السيطرة علي العالم..مشيرا في تحقيق أهدافه وفرض العولمة علي أكثر دول العالم مؤخرًا.
ويتم تمويل المجلس من أصحاب المال والأعمال مثل مورغان وروتشيلد وجودري روكفلر وبيرنارد باروخ. جاكوب سكيف. أوتوخان. وبول باربيرغ. والمؤسسات الكبري مثل مؤسسة زيروكس. جنرال موتورز. بربستول مايرز سكويب. تيكساكو وجيرمان مارشال فنذا ماكنايت فاونديشن. فورد فاونديشن وغيرهم. وجميعهم لهم اعمال واموال عبر الحدود وتنتشر في دول العالم.
ويفضح الكتاب منظمة سرية اخري تسمي بيلدر بيرجر Bilder bergers تأسست في مايو 1945وتضم زعماء سياسيين ورأسماليين دوليين يجتمعون سريّاً في ربيع كل عام لوضع السياسات العالمية. ويبلغ عدد المشاركين بالمؤتمر ما بين 150و120. منهم نواة صلبة حاضرة باستمرار سنوياً. وهم أعضاء عائلة روكفلر وعائلة روتشيلد ومدراء المصارف ورؤساء الشركات الدولية ومسئولون رفيعو المستوي من أوروبا وأمريكا الشمالية.
وبالنظر إلي جدول اعمال أعمال المؤتمر الأخير في 2015. نجد أنه تناول قضايا عالمية مثل إيران وروسيا والتجسس الصناعي. والأمن الإلكتروني وتهديد الأسلحة الكيميائية والانتخابات الأمريكية. الإرهاب. اليونان. المملكة المتحدة. الشرق الأوسط. وهي لا صلة لها بالهدف المعلن للمنظمة وهو تعزيز الحوار بين أوروبا وامريكا.
واذا شكك البعض قي وجود حكومة العالم الخفية التي كتب عنها كثيرون ومن أشهرها كتاب "الحكومة الخفية" للمؤلفين ¢ديفيد وانر¢ و¢توماس ب. روس¢ في أوائل الستينيات من القرن الماضي. فاننا نقدم لهم تحذيرات الرئيس الأمريكي الأسبق أيزنهاور في خطاب الوداع عام 1961وقال فيه: ¢ أن مواقع القرار الأمريكي يجب حمايتها من التحالف العسكري - الصناعي الرأسمالي. وإلا ستكون العواقب كارثية. أود أن ألفت النظر إلي أنه إذا وقع القرار الأمريكي رهينة لمثل هذا التحالف وأطرافه. فإن الخطر سوف يصيب حرياتنا وممارساتنا الديمقراطية.لأنه قد يصل إلي حيث يملك حجب الحقائق عن المواطنين الأمريكيين. وبالتالي الخلط بين أمن الشعب الأمريكي وحرياته من جهة. وبين أهداف أطراف هذا التحالف ومصالحهم¢.
في الختام نجدد المطالبة بعدم المراهنة علي الخارج لحل الازمة التي نواجهها. سواء كانت دولاً او منظمات دولية لأنها جميعا تبحث عن مصالحها التي تتعارض مع مصالحنا في الغالب.