الوفد
عباس الطرابيلى
«زبادي».. وعشق حقيقى لمصر!
ليست المرة الأولى التى سمعت فيها الفنان المغربي، فؤاد زبادي، فقد سمعته للمرة الأولى فى بيت مهندس بترول عشق الفن الأصيل هو المهندس أمين صادق.. وكان ذلك منذ حوالى 20 عاماً. وهو صاحب واحد من أمتع الكتب عن أم كلثوم وعبدالوهاب، وعنوانه: «مصر إذا غنت». وبالمناسبة أمين صادق رفض أن يلحق بكل أسرته، ليهاجر إلى أمريكا.. إذ كان معجوناً بتراب هذا الوطن. وكنت ممن أسسوا معه ـ وقتها ـ جمعية هواة الفن الأصيل التى ماتت برحيله عن عالمنا وحيداً فى بيته فى 6 أكتوبر بعد أن ترك بيته الأول بشارع السودان، أطول شوارع المحروسة!!. وصدر كتابه هذا بعبارة «هذا الكتاب عن زمن الفن الأصيل إلى زمن ليس كذلك!!».
<< المهم أن فؤاد زبادى سمعته للمرة الأولى فى هذا البيت، الذى كان مقراً للجمعية.. وكان فى بدايات زياراته لمصر.. وشدنى إليه أداؤه شديد الصدق لأغانى واحد من أشهر مطربى مصر، فى عصر الفن الأصيل، محمد عبدالمطلب. وعندما استمعت إليه قلت: عبدالمطلب يُبعث من جديد.. بل لم يرحل أبداً عن عالمنا.. إذ استمر يغنى إلى ساعات الفجر الأولى. وقدم زبادى لنا أيامها أفضل ما أبدع «طلب»، وفى مقدمتها: يا أهل المحبة.. إدونى حبة. ثم الناس المغمرمين.. ما يعملوش كده.. ولكن أفضل إبداعاته، عندما قدم أغنية عبدالمطلب الأشهر: ساكن فى حى السيدة.. وحبيبى ساكن فى الحسين وعشان أنول كل الرضا.. يوماتى أروح له مرتين!!
<< و«زبادى» يتمتع بواحد من أعمق الأصوات المصرية.. وأكثرها عذوبة ورقة بل إن كل خلجات جسمه تغنى معه.. وتتراقص مع اللحن وتغوص فى الأداء ولأن فؤاد زبادى ليس كمن «يؤدي» اللحن أو يكتفى بحفظ الكلمات.. وليست إمكانات صوته العالية فإنه انطلق ـ ليؤدى بعض إبداعاته ـ ليس فقط على المسرح الكبير لدار الأوبرا.. بل انطلق إلى أوبرا دمنهور ـ التى تزين عاصمة البحيرة ـ إلى أوبرا الإسكندرية حتى لا يحرم المصريين هناك من هذا الطرب الأصيل.
ثم وهذا هام: قدم لنا ـ ولكل المصريين ـ الكثير من إبداعات المطربين الكبار من يا صلاة الزين على الأمرا يا صلاة الزين.. ولولو ومرجان.. ويا مداحين إيه.. قولوا على عزيزة بنت السلطان، يا صلاة الزين.. وهى أروع ما قدمه لنا الملحن المبدع، والشرقى الأصيل، زكريا أحمد، أو الشيخ زكريا، وانطلق يغنى للشيخ سيد مكاوي: مش بس أوقاتى بتحلو.. تحلو معاك.. دى العيشة والناس والجو.. وهى من أفضل ما قدم لنا الشيخ سيد.
<< وواضح أن عشق فؤاد زبادى لمصر يفوق الكثيرين.. لذلك قدم لنا أبدع ما غناه وديع الصافى عن مصر. عظيمة يا مصر يا أرض النعم.. يا مهد الحضارة يا أرض الكرم.. نيلك ده سكر.. بل وأضاف من عنده شطرة إلى أغنية الشيخ زكريا عندما اختتم هذه الأغنية قائلاً يا صلاة الزين.. على مصر.. يا صلاة الزين. وكذلك عندما أدى جزءاً من أغنية عبدالحليم: أحلف بسماها وبترابها.. أحلف بالقمح وبالمصنع.
<< أما عندما غنى أغنية محمد رشدي: عيون بهية.. غناها وكأنه يغنيها لمصر نفسها.. ويا بهية خبرينى وعيونك يا بهية.. وبالقطع كان يقصد هنا مصر الشعب.. ومصر الوطن.. وظلموا البنية.. يا عيون بهية.. أليست هي مصر.
اسم يسعدنى أن يتجاوب معه المستمع المصرى وينبهر بأداء فؤاد زبادى المغربى عاشق مصر، وكل المصريين، الذى أعاد لنا أعظم إبداعات عبدالمطلب.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف