في المقال المنشور أول أمس بجريدة الوطن كتبت د.سحر نصر وزيرة التعاون الدولي عن مفهوم التنمية الشاملة الذي يتطلب سياسات تعمل علي توزيع عادل للفرص الاقتصادية علي كافة شرائح المجتمع بما يؤهل جميع المواطنين لاستثمار تلك الفرص لتحقيق مستويات معيشية أفضل موضحة أن رؤية الدول تعتمد علي المفهوم الشامل للتنمية وعلي عدالة التوزيع وضمان الحقوق الاجتماعية لجميع فئات المجتمع وأن السبيل الأمثل للدول النامية هو تحقيق مبدأ التنمية الشاملة المستدامة المنحازة للفقراء مؤكدة أن رؤية الحكومة المصرية تعمل وفق هذا الإطار وتتبني السياسات التي بدورها تساهم في تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي.. اعترف أنه استوقفني هذا التوجه والفكر المنحاز لطبقة الفقراء وما أكثرهم.
ففي واقع الأمر إن عملية التنمية تستهدف بناء نظم اقتصادية واجتماعية وسياسية وثقافية شاملة من شأنها تحسين معيشة أفراد المجتمع بلا استثناء لذلك أؤكد أن أي سياسات تضعها الحكومة لتحقيق الأهداف الانمائية للحد من الفقر لن تؤتي ثمارها ولن تظهر نتائجها الإيجابية إلا إذا استطعنا في نفس الوقت تقليص حجم الفساد المنتشر في طول البلاد وعرضها.
ومن المعروف أن التقارير الدولية للمنظمات العاملة في مجال المكافحة تشير بوضوح إلي أن ملايين من البشر يعانون من الفقر بسبب الفساد والانحراف في مؤسسات الدول حتي أن تكلفة الفساد علي الاقتصاد العالمي تبلغ حوالي 1.5 تريليون دولار مما كان له أثر سيئ في تقليص عملية النمو داخل المجتمعات إلي مستويات منخفضة.
ومن المعروف أننا في مصر نعاني من انتشار سريع ومتناه لأشكال الفساد المالي والإداري سواء في الأجهزة الحكومية أو المرافق العامة ولا يوجد رقم واضح يعبر عن حجم الكارثة لكل هذه الأسباب أري أن خطط واستراتيجيات تضعها الحكومة في هذا السياق لابد وأن يتزامن معها التركيز علي حصار هذه الأزمة بل وضع المكافحة علي أولوية عمل المسئولين لا أن نلقي الكرة في ملعب الأجهزة الرقابية فقط فبدون وضع سياسات فاعلة للتصدي والحرب لن ننجح في الانحياز للفقراء ولن نحقق الأمان والاستقرار المجتمعي المنشود دون النجاح في تحجيم وتقليص الظاهرة الكارثية التي أوصلتنا إلي ما نحن فيه من أزمات وفوارق طبقية وارجو أن تتذكر حكومتنا أننا قبل ثورة يناير كنا قد حققنا معدلات نمو وصلت إلي 7% لكن تساقطت ثمارها علي الفئات الأكثر ثراء أما الفقراء فلم يجنوا سوي المزيد من الفقر وقيل إن أحد أسباب قيام الثورة هو الفساد الذي ضرب أركان الدولة وأحدث فجوات وشروخاً في مجتمعنا.
وبعد القرارات الأخيرة التي اتخذتها حكومتنا والتي أثرت بلاشك علي السواد الأعظم من المواطنين خاصة ممن لا يندرجون في برامج الحماية الاجتماعية وفي ظل الارتفاع الحاد لأسعار الخدمات والسلع ستزداد المعاناة والاحساس بالقهر والفقر.
أتمني ألا تغفل الحكومة في سياسات الإصلاح هذه الاشكاليات حتي لا نظل نردد كلمات الإعلان اليومي "يرضي مين أننا نصرف بالملايين والدعم لا يصل لمستحقيه".
نرجو أن تصل ثمار التنمية لجميع الفئات فأبسط حقوق الإنسان أن يحيا حياة كريمة يتوفر فيها مسكن ملائم ويجد فرصة لتلقي العلاج ومكاناً يتلقي فيه تعليماً جيداً فهل هذه الحقوق صعبة المنال في خطة واستراتيجية الحكومة وهي تمضي نحو النمو المنحاز للفقراء؟!