المساء
محمد عطية
المشكلة.. والحل في أسعار تذاكر الطيران
الصراحة راحة.. فلا يخفي علي أحد أن الشركة الوطنية "مصر للطيران" تواجه أزمة حقيقية بعد قرار حكومة المهندس شريف إسماعيل رئيس الوزراء بتعويم الجنيه المصري وتحرير صرف العملات الأجنبية في الوقت الذي تئن فيه شركتنا الوطنية من الديون المتراكمة منذ ثورة 25 يناير عام 2011 والتي وصلت إلي حوالي 15 مليار جنيه إضافة إلي ديون تبلغ 3 مليارات دولار منها قروض شراء طائرات في عصور سابقة وفوائد هذه القروض .
فالمعروف أن 80% من تكاليف تشغيل شركات الطيران في العالم كله يتم تسديدها بالدولار أو علي أساس سعر صرف الدولار .. وتتمثل هذه المصروفات أو التكاليف التي يتم تسديدها بالدولار مباشرة قطع غيار الطائرات وغيرها .. وهناك مصروفات أو تكاليف تشغيل يتم حسابها علي أساس سعر الدولار المعلن من البنك المركزي كالوقود.. إذن الترجمة الحقيقية لتحرير سعر صرف العملات الأجنبية - خاصة الدولار - هو تحمل مصر للطيران وجميع شركات الطيران العاملة في مصر ارتفاعاً حقيقياً في تكاليف التشغيل التي تمثل 80% من اجمالي مصروفات الشركة بنفس نسبة ارتفاع سعر الدولار والتي قد تصل إلي100% طبقا لأسعار البنك المركزي منذ قرار تعويم الجنيه مقابل أسعار العملات الأجنبية والتي قد يزيد أو يقل أسعارها يوميا.
بالطبع ستضطر مصر للطيران شأنها شأن جميع شركات الطيران العاملة في مصر إلي رفع أسعار تذاكر الطيران بقيمة 80% من قيمة الزيادة في سعر العملات الأجنبية وتحديدا الدولار الذي يتم التعامل الدولي من خلاله.
الأزمة الحقيقية - بخلاف إخواننا إياهم المتربصين بشركتنا الوطنية كلما حركت سعر تذاكر السفر طبقا لآليات السوق - هو كيف سيبني القائمون علي سياسة التسعير بالشركة نسبة الزيادة في ظل تحرير سعر صرف العملات الأجنبية - وتحديدا الدولار - الذي سيشهد طبقا لقرارات تحرير سعر الصرف ارتفاعا وانخفاضا في الأسعار التي يعلنها البنك المركزي بشكل شبه يومي بل وقد يتحرك السعر انخفاضا أو ارتفاعا عدة مرات خلال اليوم الوحد.
إذن الحل الأمثل في مثل هذه الظروف أن تقوم مصر للطيران بتحرير أسعار تذاكر السفر طبقا لآليات السوق وسياسة العرض والطلب لأنه ليس من المنطق أن تقوم الشركة بالإعلان عن رفع أسعار التذاكر بنسب ثابتة قد يرتفع بعدها سعر الدولار فيتسبب ذلك في زيادة خسائر الشركة أو قد ينخفض سعر الدولار فيكون ظلماً للعميل بتحميله أسعارا مبالغاً فيها.
لكن هذا الإجراء يتطلب فريق عمل متخصصاً علي أعلي درجة من الكفاءة واليقظة لدراسة السوق بشكل مستمر .. بل لحظة بلحظة حتي يكون التسعير علي أسس وقواعد وآليات السوق الحقيقية وإلا فإن المبالغة في زيادة الأسعار قد تتسبب في نزوح عملائها للسفر علي طائرات الشركات الأخري .. وفي نفس الوقت لا يكون هناك مبالغة في تحجيم الأسعار وتخفيضها عن واقع وآليات السوق طبقا لسياسة العرض والطلب فتزيد خسائر الشركة ومعاناتها.
بالطبع سيخرج علينا المنتقدون والمهاجمون لسياسة تحرير أسعار تذاكر الطيران طبقا لأسعار العملات الأجنبية بعد قرار تعويم الجنيه.. لكن علي هؤلاء أن يدركوا أن الطيران صناعة دولية وليست محلية.. وتذاكر السفر بالطائرات لا نقارنها برغيف العيش والسلع الأساسية التي نكون أول المطالبين بتحجيم أسعارها حماية ورحمة بمحدودي الدخل.
وعمـار يامصـر!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف