المساء
مؤمن الهباء
شهادة - حركة لإنهاء الفقر
علي هامش اجتماعات الربيع للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي التي عقدت في واشنطن مؤخراً أعرب أكثر من 30 زعيماً دينياً يمثلون منظمات إسلامية ومسيحية ويهودية وبوذية وسيخية وبهائية عن دعمهم الرسمي لإنهاء الفقر المدقع بحلول عام ..2030 وهو هدف يؤيده 188 بلداً عضواً في مجموعة البنك الدولي.
حين قرأت هذا الخبر في رسالة زميلتنا القديرة لبيبة شاهين التي قدمت تغطية جديدة لاجتماعات البنك والصندوق في "المساء" قلت: سبحان الله.. الزعماء الدينيون يتوجهون بحلمهم - أو قل بطموحهم - في إنهاء الفقر المدقع إلي الجهة الخطأ.. إلي البنك والصندوق الدوليين اللذين يمثلان عقل الرأسمالية المتوحشة في هذا العالم.. هل هو نوع من التذكير لإيقاظ الضمائر أم دعوة لتخطيط حقيقي وجاد يكون كفيلاً بتحقيق الحلم والطموح؟!
ربما كان من اللائق أن يتقدم الزعماء الدينيون بوثيقة حلمهم وطموحهم إلي المجلس الثوري العالمي لو أن هناك مجلساً بهذا الاسم يخطط لمحاربة الرأسمالية المتوحشة وعقلها وأذرعتها التي تطبق علي أنفاس الفقراء في العالم بسياسات جهنمية.. في ظاهرها الرحمة وفي باطنها العذاب.. وساعتها سيكون البنك والصندوق الدوليين هدفاً مشروعاً لهذه الثورة ومجلسها الموقر.
وقد دعا البيان المشترك الذي أصدره الزعماء الدينيون في واشنطن تحت عنوان "إنهاء الفقر المدقع حتمية أخلاقية وروحية" إلي وضع نهاية لفضيحة الفقر المدقع.. وقالوا إنهم سيستخدمون أصواتهم للضغط علي الآخرين وحثهم علي الانضمام إلي هذه القضية الملحة بوحي من القيم الروحية الأكثر عمقاً.. وأضافوا أنهم سيتعهدون بمساءلة القيادات علي كافة مستوياتهم.. العام والخاص والمحلي والدولي.
يا الله..!!.. هل هذه صحوة متأخرة؟!
لا بأس.. حتي لو كان الأمر كذلك.. الزعماء الدينيون يتعهدون بمساءلة القيادات علي كافة المستويات.. العام والخاص والمحلي والدولي بعدما اكتشفوا - علي لسان الأمين العام لمنظمة الكنائس الافريقية المعتمدة - أن هناك ما يكفي من الموارد في افريقيا وفي مختلف أنحاء العالم لإنهاء الفقر المدقع.. وقال الرجل: "لقد سنحت لنا الآن الفرصة لتقويض أركان الفقر".
هل هذا اتجاه - مرة أخري - إلي لاهوت التحرير.. ليكون الدين صرخة للمضطهدين والفقراء بدلاً من أن يكون أفيوناً للشعوب؟!
من الغريب أن رئيس مجموعة البنك الدولي جيم كيم رحب بالبيان "الحالم" مؤكداً أنه جاء في التوقيت المناسب.. فمن شأن أعمال الزعامات الدينية أن تساعد ملايين البشر علي تخليص أنفسهم من براثن الفقر.. وذلك سيتطلب أمرين: جمع الشواهد والدلائل علي ما يمكن أن يصلح للحد من الفقر واستخدامه لتنفيذ مبادرات مهمة.. وعلي القدر نفسه من الأهمية نحتاج إلي بناء حركة لإنهاء الفقر.
باختصار.. أراد السيد كيم أن يعيد الكرة إلي ملعب الزعماء الدينيين بأن يجمعوا الشواهد والدلائل ويضعوا الخطط.. علي أن يكون التخلص من الفقر مسئولية الفقراء أنفسهم.. وعليهم ألا يمدوا أنظارهم إلي الصندوق أو البنك الدولي.. فهما مؤسستان للأغنياء فقط.. وقد تم تأسيسهما لضمان أن يزداد الأغنياء غني ويزداد الفقراء فقراً.. وعلي من لا يصدق هذا أن يبحث في برنامج واحد علي مستوي العالم قام بقروض من الصندوق أو البنك وحقق نجاحاً حقيقياً في التنمية وتغيير واقع الفقراء في أي دولة.
التغيير الحقيقي والنجاح الحقيقي جاء من الاعتماد علي النفس.. بواسطة حكومة وطنية مخلصة.. ومدعومة شعبياً ببرامج واضحة ومحددة.. وبرلمان قوي يسأل ويحاسب.. وانتخابات نزيهة.. وشعب قادر علي التمييز يمتلك إرادته.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف