أحمد السرساوى
سر «حُرقة» أردوجان من مصر!!
يتندر المعارضون لحزب العدالة والتنمية التركي بأكاذيب قياداته الدائمة.. خاصة رئيسهم رجب طيب أردوجان، فأطلقت المعارضة نكتة (وبالمناسبة كلمة نكتة تُنطق في التركية كما بالعربية) تقول.. جمع لقاء بين عضو بالحزب وإحدي الغانيات.. فأقسم لها أنه لم يكذب قط، فردت عليه قائلة: وأنا أُقسم لك أنني شريفة!!
بنفس المنطق.. أطل علينا الرئيس التركي رجب أردوجان مساء الخميس الماضي علي قناة الجزيرة في وصلة "ردح اسطنبولي" واصل فيها بذاءاته علي مصر، وقال إن القاهرة تقوم بدعم الكيانات الموازية التي تتخذ ستار الدين من أجل السيطرة علي عدد من الدول العربية، مضيفا أنه يفرق بين الشعب المصري والإدارة المصرية"!!
نفس القاهرة التي قال عنها في تقديمه للطبعة العربية من كتاب "الأتراك في مصر وتراثهم الثقافي" الذي ألفه د. أكمل الدين إحسان أوغلو الأمين العام الأسبق لمنظمة التعاون الإسلامي عام 2008 ونشرته دار الشروق المصرية عام 2011 "هذه الدراسة التي تُعد الأولي في هذا المجال ـ يقصد العلاقات العربية التركية ـ تُبين لنا بوضوح إلي أي مدي يرتبط مصير تركيا بمصير مصر، وإلي أي مدي يرتبط مصير استانبول بمصير القاهرة!!
وطالما الأمر هكذا.. فما السر في "الحُرقة" الأردوجانية من مصر وقياداتها، بخلاف تحالفه مع الجماعات الإرهابية التي يؤيها في بلاده، وفي قول آخر يُقال إنه المرشد العام لتنظيم الإخوان المسلمين في العالم، أي أنه "زعيم العصابة" التي حاولت تفتيت خريطة المنطقة لصالح قوي مُعادية نظير مصالح تخص تركيا وتتعارض مع مصالحنا!!
ويبدو ان الرئيس التركي يشعر بالعصبية المطلقة بعد النتائج التي أسفرت عنها الانتخابات الأمريكية ورحيل أسياده من البيت الأبيض، أو أنه اراد استثمار دعاوي العنف في 11 نوفمبر الهزيلة فأراد ارسال رسائل مُشفرة لبقايا أذنابه من الإرهابيين للتحريض علي مصر!!
والمضحك أن هذا "البهلوان" التركي الذي فشل أن يكون ممثلا أو حتي كومبارسا في بداية حياته.. يُريد الآن لعب دور البطولة علي مسرح السياسة الدولية في المنطقة مُتهما مصر بالدكتاتورية وهو الذي أزهق أرواح المئات من معارضيه خلال الأشهر الأخيرة فقط بعد محاولة الانقلاب الفاشلة علي دكتاتوريته، بخلاف الآلاف من القضاة ورجال القوات المسلحة والشرطة وأعضاء هيئات التدريس بالجامعات والصحفيين الذين تم اعتقالهم والمحظوظ منهم تم فصله فقط من الخدمة!!
ومن المؤكد أن اكتشافات الغاز المصرية في مياهنا الاقتصادية وترسيم حدودنا البحرية مع قبرص واليونان تثير حنق رئيس أنقرة وتملأ صدره حقدا وغِلّا لأنه أراد أن تكون بلاده معبرا لخطوط الغاز التركي إلي أوروبا، في الوقت الذي تفوت فيه الاكتشافات المصرية والتعاون مع خصومه هذه الفرصة الذهبية عليه، ومن هنا كان أحد اسباب امتلاك مصر للقطع الحربية البحرية القوية للدفاع عن كنوزنا في عرض المتوسط.
من جانبها تستخدم مصر سياسة الصبر و"النفس الطويل" مع من يختلفون معها، وحتي الآن لم تعترف القاهرة بمجازر الإبادة الجماعية التي مارستها تركيا ضد الأرمن والتي احتفل العالم منذ شهور بمرور مائة عام عليها وراح ضحيتها عشرات الآلاف من الأرمن المسالمين، كما لم تعرقل القاهرة تجارة الأتراك مع تجمع دول شرق وجنوب أفريقيا المعروف باسم "الكوميسا" بوابتهم للقارة السمراء، في وقت ينحدر فيه الاقتصاد التركي نحو الهبوط فقد أظهرت الإحصاءات الحكومية التركية نفسها أنها حققت 1،6% فقط كمعدل للنمو في 2015، مقارنة بنحو 2،7 % خلال 2014
ولكن لابد أن يعلم كل صاحب "حُرقة" علي مصر أن صبرها له حدود!!