من يتابعنى على موقعى الإلكترونى أو صفحتى العامة والخاصة بـ«فيس بوك» وجميع وسائل التواصل الإلكترونى، يلاحظ بسهولة اهتمامى الشديد بالصورة، سواء كانت صورة مصاحبة للمقال أو صورة مع جملة أو جملتين، غالباً أستخدم صورى الشخصية التى أحرص على التقاطها بشكل شبه يومى ومن ثم مشاركتها مع الجميع، بل إن الأمر وصل معى حد وضع صورتى على كروتى أو (بطاقات تعريفى المهنى) فى سابقة لم يجرِ العرف عليها من قبل، يلفت الأمر انتباه البعض، ويتعاملون معه بين معجب بالفكرة أو مستغرب لها، ربما اتسم الأمر بالغرابة فعلاً، أو فُسِّر بالغرور! لكنه بكل الأحوال اختراعى الخاص جداً والذى أقصد من ورائه أشياء عدة اكشفها بآخر المقال، الأمر يتعلق بقصتى مع الصور.
الصورة كانت منذ أمسك الإنسان بالمسمار فكانت الكتابة المسمارية ببابل القديمة، بل أقدم من هذا بكثير، أظنها بدأت ببدء خلق الإنسان، حين صوره المولى عز وجل فى أحسن تقويم، أدرك الإنسان قيمة هذه النعمة وبدأ بمحاكاتها، بهذا كانت التماثيل العظيمة فى الحضارات المتتالية والتى كان أميزها تصويراً ونحتاً الفرعونية الخالدة، هكذا أصبح التاريخ مسجلاً نقشاً وحفراً، وكان الاختراع المفاجأة (الكاميرا) والتى وصلت وما زالت يومياً إلى أقصى درجات النقاء الممكنة وغير الممكنة، تطور التصوير بتطور الإنسان موازياً لفن الرسم بإبداعاته وتعقيداته الحديثة والمجسمة بدقة تكاد تنطق الصور.
التصوير وفنونه وجنونه عالم كبير، له أبطال عظام خلف الكاميرات، إلى هذه اللحظة ما زالت التعديلات تجرى على هذا الفن الرائع، ويزداد معه الهوس بجمال الصورة ونقائها وفنيتها وبراعة التقاطها من حيث التوقيتات والزوايا والاتجاهات وضبط الإضاءة والديكور وجميع عوامل إنجاحها.
ربما ارتبط عشق الإنسان للتصوير بحبه لتسجيل اللحظة، تسجيل حياته وأيامه، لاستدعاء الذكريات متى أراد واستدعاء العمر معها والسعادة والأحباب، فعقارب الساعات تمضى وتستمر بلدغ أعمارنا، لكن الصور ثابتة تقف فى مهب ريح الأحداث وأنواء الحياة.
تختلف أنواع وأغراض الصور، بين خبرى توثيقى أو جمالى تعبيرى أو دعائى أو حتى اجتماعى عادى، لتسجل محطات ولحظات الحياة، وباختلاف الأنواع تختلف طبائع الصور ومواصفاتها، ويصحب ذاك الاختلاف تباين التقنيات والفنيات المستخدمة فى التقاطها. أما أنا فقد بدأ عشقى للصور مستمداً من اهتمام وولع أبى (رجل القانون) بالتصوير وتسجيل تفاصيل أيامنا بكاميرته الياشكا الاحترافية الخرافية (وقتها بالثمانينات والتسعينات) ذات الأذرع والملحقات العديدة، كان يتتبع طيور السماء لتصيد لقطة مهمة، كان متخصصاً بضبطها على الوضع التلقائى مصوراً نفسه، أظن أننا نرث آباءنا فى أشياء عدة ونتأثر بهم بقصد أو بغير قصد.
قناعتى أن الصور هى التى تكون الانطباع الأول الذى يسبق القراءة أو السماع أو أى شى آخر، الصورة تخبرك أحياناً بما لا يُكتب ولا يقال، الصور وقراءة الوجوه والتعبيرات والملامح تكون من أهم معطيات تكوين الآراء والرؤى، بل والتأثر بما سوف يقال أو يُعرض. حينما أضع صورى الشخصية بصحبة مقالاتى فإنى أربط بين اسمى وكتابتى وصورتى، وكأننى أؤكد على انتماء تلك الأفكار لى، قائلة للقارئ ضمنياً تأثر بها فهى ليست مجرد كلمات أو كتابات مطلقة بالهواء بل هى نتاج ذاك الإنسان صاحب الصورة، ذاك الربط والارتباط الذى أعتبره كبصمة الإبهام البوليسية. أهتم بصورتى وطريقة إخراجها وإن كانت عفوية أو من كاميرا عادية، الصورة عندى بأهمية الكلمة، لأنها تبعث رسائل أسرع وأيسر للمتلقى، الصورة هى الدعوة المزركشة لزيارة عقلى وما ينتج عنه، هى الإطار الذى أضع به ما أكتب، ودوماً ما أحرص على أن يكون الإطار أنيقاً صادقاً، راجية أن تتناسب معه الكلمات والأفكار.