عزيزى نيوتن..
للأسف، مناقشات موضوع الدعم أخذت طابعا سياسيا وفرصة للبعض للمغالطات التاريخية والهجوم على الرئيسين مبارك والسيسى. وللعلم معظم دول العالم النامى والمتقدم تطبق بعض الدعم ويغلب على الدول النامية طريقة الشيوع. أرقام الحكومة توضح أن الدعم البترولى الحالى ٥٥ مليار جنيه، وكان الهدف الوصول به إلى ٣٥ مليار جنيه، بعد رفع أسعار المحروقات، ولكن للأسف تزامن هذا مع تعويم الجنيه وارتفاع سعر البترول عالميا حوالى ١٠ دولارات.
المشكلة الحقيقية الآن هى فى سعر صرف الدولار لأنه منذ أيام كان 8.8 جنيه ووصل إلى 18 جنيها، والسبب فى ضعف الجنيه هو أن لدينا فجوة ٤٠ مليار دولار، بين دخلنا وبين مصروفاتنا الدولارية. تاريخيا حكومة نظيف أتت بعد تعويم الجنيه، فواجهت الهبوط الحاد للجنيه برفع الدخل الدولارى من التصدير عدة أضعاف حتى وصل إلى 31 مليار دولار، وكذلك فى السياحة والاستثمار الأجنبى وتحويلات المصريين فى الخارج.
لقد تم تخفيض الدعم إبان حكم مبارك عدة مرات قبل وبعد تعويم الجنيه دون إثارة المواطن البسيط ودون الغرق فى الديون، وقد أشاد بذلك صندوق النقد الدولى، وهذا بالرغم من الرعب الذى حدث بسبب مظاهرات 1977، واعتمدت هذه الطريقة على زيادة الحصيلة الدولارية عن طريق طمأنة وتشجيع المستثمرين وحرية حركة الأموال، وطبعا لا نقول إنها فى الماضى كانت مثالية، ولكنها كانت خطوة محصلتها إيجابية وفى الطريق الصحيح، فارتفع الاحتياطى النقدى الأجنبى من حوالى صفر عام ١٩٩٠ إلى أكثر من ٤٠ مليار دولار ٢٠١٠، وإليكم قصة الدعم الحقيقية:
- بدأ الدعم فى مصر عام 1941 نتيجة لظروف الحرب العالمية الثانية.
- بالاتفاق مع صندوق النقد تم رفع الدعم عن بعض السلع عام 1977، فحدثت مظاهرات، وأُلغى القرار.
- تولى مبارك الحكم والدعم يمثل 14% من الموازنة العامة، ويغطى حوالى 20 سلعة غذائية والمواد البترولية.
- تم تخفيض الدعم إلى 4% فقط على مرتين، بين عام 1990 وعام 1997، وأصبح يغطى 4 سلع غذائية.
- انخفض عدد حاملى بطاقات التموين من 99% فى عام 1981 إلى 70% فى عام 1998.
- عام 2003 وصل الدعم إلى 7% من الموازنة العامة.
- تعرض الدعم لضغوط فجائية نتيجة ارتفاع سعر البترول من 27 دولارا فى عام 2003 إلى 91 دولارا عام 2010. وحدث أيضا ارتفاع جنونى لأسعار الحبوب عالميا، فوصلت نسبة الدعم إلى 28% فى عام 2008، فوضعت الحكومة خطة لخفض الدعم تدريجيا حتى عام 2012، وشملت الخطة رفع دعم الوقود عن المصانع كثيفة الاستخدام للطاقة، وبدأت بمصانع الأسمنت، ثم تم رفع سعر البنزين الـ92 من 120 قرشا إلى 185 قرشا، وكذلك السولار من 70 قرشا إلى 110 قروش، أى 50%.
وتم رفع الضريبة السنوية على السيارات الكبيرة عدة أضعاف، وانخفض الدعم من ٢٨٪ عام ٢٠٠٨ إلى ٢٦٪ عام ٢٠١٠ بفضل مجهودات بطرس غالى والدكتور مصيلحى وغيرهما من الوزراء. تخفيض الدعم، والدعم العينى، وتعويم الجنيه كلها خطوات إيجابية، لكن توقيتها غير مثالى، وعدم الأخذ بالخبرة التاريخية خطأ فادح.
م. صلاح حافظ