المساء
مؤمن الهباء
شهادة .. لكنه صار رئيساً!!
رغم كل الشبهات والاتهامات والانتقادات والعقبات التي اعترضت طريقه. إلا أن ترامب صار ـ رسمياً ـ هو الرئيس الأمريكي المنتخب.. هكذا جاءت نتيجة الانتخابات.. وقطعت قول كل خطيب.
لذلك.. كان غريباً أن نري الآلاف يتظاهرون في عدة مدن أمريكية احتجاجاً علي فوزه.. وكأنهم في واحدة من دول العالم الثالث التي لا تحترم الصندوق.. وتظل شرعية الرئيس محل شك وتشكيك طيلة جلوسه علي كرسي الرئاسة. حتي يأتي أقرب الأجلين: الموت. أو الإطاحة به.
لم نعهد في الدول الديمقراطية وعلي رأسها الولايات المتحدة. أن تنطلق مظاهرات رافضة للرئيس المنتخب.. وأن يصل الأمر إلي أن يطالب المحتجون في كاليفورنيا بانفصال ولايتهم عن الولايات المتحدة الأمريكية. وأن يطالب المتظاهرون بتغيير النظام الانتخابي.. ما نعرفه عنهم أن الكل هناك يحترم نتيجة الصندوق. الذي يعكس إرادة الناخبين الحرة.
صحيح أنهم اتهموا الرئيس المنتخب بأنه عنصري ضد المهاجرين والأقليات والمرأة.. ورددوا هتافات مسيئة له مثل "لا لترامب" و"ليس رئيسي" و"أوقفوا ترامب".. وفي بعض المظاهرات أحرقوا العلم. وأعدموا دمية شبيهة به.. معلنين اعتراضهم علي توليه مقاليد الحكم.. لكنه في الواقع صار رئيساً.
المشهد الذي نتابعه ينطوي علي مفارقة تاريخية عجيبة.
فشعوب العالم الثالث التي تجاهد من أجل التحول إلي الديمقراطية. تسعي إلي تقليد النموذج الغربي ـ الأمريكي تحديداً ـ في الاعتراف بالرئيس المنتخب فور إعلان نتيجة الصناديق.. مادامت الانتخابات جرت بنزاهة وحرية.. وتقديم التهنئة للفائز من جانب منافسيه الخاسرين.. بينما يعلن الرئيس المنتخب أنه سيصبح رئيساً لكل المواطنين.. المؤيدين والمعارضين.. لكن الذي حدث أن الأمريكيين هم الذين يقلدون شعوب العالم الثالث.. وينزلون إلي الشوارع اعتراضاً علي نتيجة الصندوق.. ولا يريد قطاع منهم الاعتراف بشرعية الرئيس المنتخب.
هذه نقلة تأخذ الشعب الأمريكي في الاتجاه المعاكس لحركة التاريخ.. حين ينقلب علي التقاليد الديمقراطية الراسخة منذ قرون.
بعض هؤلاء المعترضين عبَّروا عن عدم ثقتهم في قدرات ترامب. وصحة تصرفاته إزاء الخصوم والمخالفين في الرأي.. ويرون أنه يتصرف بحماقة واندفاع لا يليقان بمن يضع إصبعه علي زر السلاح النووي في أكبر وأهم دولة في العالم.. لكنه رغم ذلك صار رئيساً.
الصحف الأمريكية الكبري ساعدت هي الأخري في رسم صورة سلبية للرجل.. وعكست عناوينها الرئيسية حالة من الصدمة والخوف من المخاطر المحتملة. بعد وصوله للحكم.. ناهيك عن الهجوم العنيف الذي تشنه افتتاحيات هذه الصحف علي المخالفات التي ارتكبها ترامب في وعوده التي أطلقها أثناء الحملة الانتخابية مضادة للدستور الذي يحمي الحريات والأقليات والمهاجرين.. واتهمته بأنه ينتمي للنظم السلطوية. ولا علاقة له بالديمقراطية الأمريكية.
ووصل الأمر ببعض الكتابات الصحفية للقول بأن "مجرد دخول ترامب إلي البيت الأبيض يهدد باستشراء العنف الجنسي والتمييز العنصري ضد المرأة في الحياة العامة".
لكنه في الواقع صار رئيساً.. وسيدخل البيت الأبيض.
وشككت صحيفة "واشنطن بوست" تحديداً في إمكانية وفاء ترامب بالوعود التي قطعها علي نفسه أثناء الحملة الانتخابية. مثل إقامة الجدار العازل مع المكسيك. وتعديل قانون الرعاية الصحية. الذي وضعه أوباما.. وتسليم المعارض التركي فتح الله كولن. الذي كان قد وصفه بأنه "أسامة بن لادن".. وأنه سوف يصطدم بالكونجرس لا محالة.. رغم أن الجمهوريين يشكلون الأغلبية في مجلس النواب والشيوخ.
ومع كل هذا التشكيك.. فإن الحقيقة القائمة هي أن ترامب صار رئيساً.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف