الجمهورية
صفوت عمران
كلام في سرك - الزمن الذي يبكي!!
وجد الزمان يبكي ذات يوم. بعدما فقد الأمل في غ أفضل. بعدما اكتشف أن أحلامه جميعاً مجرد أوهام. بعدما عرف أن رغبته في الإصلاح ترتد له دائماً خائبة الرجاء. ليس فقط لضعفه وقلة حيلته. وليس لأنه بلا رؤية أو جلد علي الأيام. لكنه بكي عندما اكتشف أنه لا أمل مع خوف بات يسيطر علي الجميع بلا استثناء. خوف يتحكم فيهم ويحولهم إلي عبيد للمناصب والنفوذ أو للمصالح والأموال. خوف تشتد قسوته عندما يخاف الناس علي أرواحهم وأولادهم و"لقمة عيشهم" التي أصبحت بعيدة المنال ويتحصلون عليها بالقهر وذل الحال. بكي الزمان عندما تم تكميم الأفواه وإخراس الألسنة. وكلما يحاول أن يخفف دموعه يجد صفعة تطرحه أرضاً مرغماً فلا يستطيع أن يري مستقبله من بين النعال.
اكتشف الزمان بعد عمره الطويل وعشرته بالدنيا أن عدوه الحقيقي هو الخوف. أنه أساس كل فساد. وعنوان كل استبداد. وبداية كل فشل. وطريق كل مقهور ومظلوم. وسلاح كل فاسد أو حاكم. لدرجة أصبح معها قاسماً مشتركاً بين الجميع فهناك من يخاف علي نفسه ومصالحه. وهناك من يخاف علي كرسي يملكه أو كنز يحرسه. فتمكن الخوف من الجميع لدرجة أننا أدمنا العقاب ولم نراهن علي الثواب. ادمنا التهديد والوعيد ولم نراهن علي العمل والنجاح. تصورنا زوراً وبهتاناً أن سياسة العصا هي من تفلح مع شعوبنا. وأن شراء الذمم مفتاح بقائنا. وأن تقريب شلة المنتفعين المنافقين سيكفي لتزييف واقعنا وإيهام شعوبنا بأن مستقبلاً مشرقاً ينتظرنا. وفي تلك الأثناء ظل الزمان يبكي ويبكي دون توقف بعدما وجد أن عمره قد ضاع هباء وأن السراب مازال يحاصره من كل اتجاه. وأن ثوراته مجرد أضغاث أحلام. وأن أحلامه كما الأوهام لا تسمن ولا تغني من جوع. أحلام من سكوت وليس لها صوت مسموع. بتتباع بأبخث الأثمان علي نواصي شوارع الفقر. وبيوت الألم والمرض. أحلام تذوب مثل الحديد في أول حريق "قطر". وتغرق في قلب المحيط وتأكلها أسماك القرش في أيام الغش. وفساد متعدد الاتجاهات وبألف وش ووش.
وعندما حاول الزمان استكمال مسيرته في تلك الحياة اكتشف أنه زمن شعارات وهتافات مضيعة وقت. فلا الناس لاقية عيش من غير ذل. ولا الحرية ظهر لها جناحات فما صوتها مكتوم وملزوم يصمت من ساكت وإلا لياليه تتحول ظلاماً واتهاماً وكلابشات. أو تتحول إلي مسخرة ورقص وصاجات وسفالة ودعوات مشبوهة للتجارة بالأجساد والأعراض. والكرامة الإنسانية متهانة في اليوم مئات المرات. والعدالة الاجتماعية مجرد كلام في ظل سياسات مازالت تنحاز للاغنياء ولا تنظر إلي الفقراء. سياسات تحول الغلابة لمجرد أجرية. والأثرياء لمصاصي دماء. فيظل العداء بين الطبقات وتموت أي فرص للصعود نتيجة العمل والبناء.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف