الرأى للشعب
علاء لطفى
نقطـة نجـاة

تشهد سلطنة عُمان في الأيام القادمة احتفالات تاريخية غير مسبوقة احتفاءً بالعيد الوطني السادس والأربعين ، وسط زخم عُماني وإقليمي ودولي غير مسبوق، إذ شهدت السلطنة تحركات وجولات ماراثونية لطرح الرؤى والأفكار لحل الأزمات التي يشهدها الإقليم مثل أزمة اليمن والأزمة السورية، كما يشهد العالم العربي والغربي تطورات سياسية وغير سياسية تشكل ملمحاً مهماً في هيكل النظام الدولي.

محورية السلطنة العمانية باتت تفرض العديد من التحديات أمام صانع القرار السياسي أولى الاعتبارات أن احتفالات هذا العام تأتي تتويجاً لمسيرة 46 عاماً من العمل المتواصل وفق الاستراتيجية والرؤية التي رسمها السلطان قابوس والتي تتلاءم مع خصوصية البيئة العُمانية وقيمها ومعتقداتها الفكرية.

ثاني الاعتبارات احتفالات السلطنة بالعيد الوطني السادس والأربعين تتزامن مع بدء الخطة الخمسية التاسعة (2016 -2020) التي بدأ تطبيقها اعتبارًا من العام الجاري وتعد آخر خطة تنمية خمسية في استراتيجية عمان 2020 التي بدأ تنفيذها منذ عام 1996.

وتختلف عن ما سبقها من خطط تنموية في تركيز على الاهتمام بالجوانب الاجتماعية والحفاظ على مستويات الدخل الحقيقية للمواطنين والعمل على زيادتها مع إعطاء دفعة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة وللتنمية البشرية والانتهاء من المشروعات الكبيرة في القطاعات المختلفة لتعزز القدرات الإنتاجية للاقتصاد الوطني، فإنه يجري كذلك الإعداد لاستراتيجية "عُمان 2040"، وهو ما يقوم المجلس الأعلى للتخطيط "اللجنة الرئيسية لاستراتيجية التنمية العمانية "عمان 2040" بالعمل على إنجازه بالتعاون مع مؤسسات الدولة الأخرى، مع مراعاة إعطاء دفعة كبيرة لتنويع مصادر الدخل، وزيادة دور القطاع الخاص والاهتمام بمشروعات الطاقة المتجددة خاصة الرياح والطاقة الشمسية والحد من الاعتماد على النفط مصدراً أساسياً للدخل وتنشيط قطاعات الصناعة والنقل والخدمات اللوجستية والسياحة والزراعة والثروة السمكية والاتصالات للاستفادة بالموقع المتميز للسلطنة وتحويلها إلى مركز لوجيستي إقليمي يربط بين المنطقة والعالم من ناحية واستثمار الموارد المتاحة في السلطنة.

لكنها على الصعيد الاقليمي تواجه تحديات أكثر خطورة مع تدهور الأوضاع الانسانية في الحرب اليمنية الدائرة، وربما كانت سياسة البراغماتية الهادئة التى اتبعتها منذ البداية تجاه جل الأحداث في المنطقة هى التوازن الحقيقي فيما يجرى، فحينما اتخذ مجلس التعاون موقفاً واضحاً حيال قضايا تهم دول المجلس كانت عمان تلزم الصمت والهدوء في مواقفها ، وعدم الخوض سياسياً فيما يجري، مع الحفاظ على العلاقات مع الدول الأطراف.

ومع تجدد حالات الاضطراب في المنطقة بعد الربيع العربي تمسكت عمان بخيارها السياسي الذي اقتضى ألا تعادي أو تقرب أي طرف على حساب أطراف دولية أخرى، فبينما قطعت دول الخليج علاقاتها مع نظام بشار، وصدر عن مجلس التعاون ما يؤيد حق الشعب السوري في ثورته، استمرت عمان في مخالفة الموقف الخليجي .. وأعلن وقتها وزير الخارجية العماني: إن عمان ليست جزءاً من عاصفة الحزم؛ لأن عمان بلد سلام.

ومن جديد يبدو دور التقريب العماني بين أطراف النزاع في اليمن، لتحل بعد ذلك مكان الوسيط السياسي ونقطة الوصل بين طرفي الصراع..

مسقط فيما يبدو هى الضوء البعيد الذي يلوح في نهاية النفق المظلم يرشدنا جميعا الي نقطة النجاة من عواصف الحزم الدائرة في كل اتجاه.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف