الوفد
عباس الطرابيلى
الشيخ حسنى.. وداعًا
رغم أنه أبدع فى كل ما قدمه لفن التمثيل، إلا أننى أرى أن دور الشيخ حسنى، فى فيلم «الكيت كات» هو أفضل أدواره.. لأنه جسد شخصية توجد فى حياتنا، ولم تزل.. قدمها بمفهوم الكفيف، الذى هو أكثر الناس إبصارًا وأعمقهم بصيرة.. وهو لم يعترف فى الفيلم بأنه كفيف.. ولأن الله سبحانه يعطى الكفيف قدرة على السمع ليعوضه عن فقدان نعمة البصر.. فإن الشيخ حسنى استغل بصيرته هذه، وإحساسه بكل من حوله، ليكشف خطايا المبصرين.. ومنهم من يحتال ليسرق.. أو يعشق فيغوى، وليس أبدع من الشيخ حسنى هنا وهو يقود الفيسبا ويقتحم بها الحوارى والأزقة.. وربما كانت صورته فى دار السينما ـ وهو الكفيف ـ يقوم بشرح أحداث الفيلم لكفيف آخر.. يا سلام على الروعة!!
<< وربما تعلق بذاكرة كل المصريين أحداث فيلم إعدام ميت.. أو فيلم الكيف.. ولكن فيلم العار جسد معاناة شعب مع المخدرات.. وقدم صورة مغايرة لتجار الكيف الذين يظن الناس أن منهم من يراعى الله.. فهذه أسرة تكتشف أن أباها ـ الرجل الصالح الورع التقى ـ كان من أكبر تجار الحشيش.. وكان محمود عبدالعزيز أحد هؤلاء الأبناء الذى رقص فوق المركب بعد أن اكتشف ذوبان الحشيش فى مياه البحيرة!!
ولكن العمل الأكثر عشقًا عند كل المصريين فهو مسلسل رأفت الهجان والذى نفى لى شخصيًا أن دور رأفت جاءه على غير عادة.. وأن المرشح له كان الزعيم عادل إمام.. هنا قال لى: بل جاءنى المسلسل أولاً ثم قبلته، بعد اعتذار الزعيم عنه.
<< ترى: هل عانى فناننا الراحل منذ ساعات ـ محمود عبدالعزيز ـ من آلام السرطان الذى أصيب به فى الفك.. كما عانى وجسد لنا الآلام الفظيعة التى شاهدناها وهو يحتضر فى ساعاته الأخيرة، فى مسلسل رأفت الهجان، وهو نفس شخص رفعت على سليمان الجمال، ابن عائلة الجمال الكبيرة، فى دمياط.
ولا ننسى دوره فى الفيلم الشهير الذى أقنعه الفنان حسين فهمى بالتبرع بقطعة غالية هى المسيطرة على الانجاب.. ليزرعها حسين فهمى فى جسد المليونير نور الشريف.. ولم يرفض محمود ـ المنجد البسيط ـ فقد كان يحلم ببعض الثروة.. أما أفضل أدواره ولحظاتها فى هذا الفيلم فكان تساؤله عن مصير القرد! والأكثر ابداعًا عندما خرج إلى الشوارع والميادين وهو يطالب باستعادة ما أخذوه من جسده حاملاً صور الاشاعات والتقارير الطبية.. وقد أصابته لوثة عقلية.
<< وقد تقلب كثيرًا فى أدواره من الفنى الرومانسى ـ الحبيب إلى الفارس الجميل.. وعندما وجهت له «لومى» على أداء دوره فى فيلم عباس الأبيض.. الذى كان بمثابة زعيم عصابة لا تتعامل إلا بالسيف والسنجة والجنزير، وهو من أوائل أفلام الدم والاكشن.. أقسم لى إنه فوجئ ـ بعد عرض الفيلم ـ بحذف الكثير من دوره وأدوار غيره للتركيز على مشاهد الدم والعنف.
<< وقدم شخصية تاجر المخدرات.. والسلاح وعلاقته بالمافيا العالمية فى مسلسله التليفزيونى أبوهيبة فى جبل الحلال ولم ينس أن ينصح حفيده بالابتعاد عما يضر الناس والمجتمع..
ولقد عشقت فيه الانسان المتواضع وكنت أداعبه وهو الخبير فى عسل النحل ونال درجة الماجستير فيه وأقول: نفسى مرة فى بطرمان عسل.. مش مغشوش ووعدنى.. ومازلت فى الانتظار.. رحم الله محمود عبدالعزيز الشهير بالشيخ حسنى.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف